عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السّلام في نَفَرٍ مِنَ الشّيعَةِ وكُنتُ فيهِم ، فَجَعَلَ الحارِثُ يَتَأَوَّدُ في مِشيَتِهِ ، ويَخبِطُ[54] الأَرضَ بِمِحجَنِهِ[55] ، وكانَ مَريضاً ، فَأَقبَلَ عَلَيهِ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السّلام ـ وكانَت لَهُ مِنهُ مَنزِلَةٌ ـ فَقالَ : كَيفَ تَجِدُكَ يا حارِثُ ؟ فَقالَ : نالَ الدَّهرُ ، يا أميرَ المُؤمِنينَ ، مِنّي ، وزادَني اُواراً[56] وغَليلاً اِختِصامُ أصحابِكَ بِبابِكَ . قالَ : وفيمَ خُصومَتُهُم ؟ قالَ : فيكَ وفِي الثَّلاثَةِ مِن قَبلِكَ ؛ فَمِن مُفرِطٍ مِنهُم غالٍ ، ومُقتَصِدٍ تالٍ ، ومِن مُتَرَدِّدٍ مُرتابٍ ، لا يَدري أيُقدِمُ أم يُحجِمُ . فَقالَ : حَسبُكَ يا أخا هَمدانَ ، ألا إنَّ خَيرَ شيعَتِي النَّمَطُ الأَوسَطُ ؛ إلَيهِم يَرجِعُ الغالي ، وبِهِم يَلحَقُ التّالي .
فَقالَ لَهُ الحارِثُ : لَو كَشَفتَ ـ فِداكَ أبي واُمّي ـ الرَّينَ عَن قُلوبِنا ، وجَعَلتَنا في ذلِكَ عَلى بَصيرَةٍ مِن أمرِنا . قالَ عليه السّلام : قَدكَ[57] فَإِنَّكَ امرُؤٌ مَلبوسٌ عَلَيكَ ؛ إنَّ دينَ اللهِ لا يُعرَفُ بِالرِّجالِ ، بَل بِآيَةِ الحَقِّ ، فَاعرِفِ الحَقَّ تَعرِف أهلَهُ .
يا حارِثُ ، إنَّ الحَقَّ أحسَنُ الحَديثِ ، وَالصّادِعُ بِهِ مُجاهِدٌ .[58]
112 . البيان والتبيّين : نَهَضَ الحارِثُ بنُ حَوطٍ اللَّيثِيُّ إلى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ، وهُوَ عَلَى المِنبَرِ ، فَقالَ : أتَظُنُّ أنّا نَظُنُّ أنَّ طَلحَةَ وَالزُّبَيرَ كانا عَلى ضَلالٍ ؟ قالَ : يا حارِ ، إنَّهُ مَلبوسٌ عَلَيكَ ، إنَّ الحَقَّ لا يُعرَفُ بِالرِّجالِ ؛ فَاعرِفِ الحَقَّ تَعرِف أهلَهُ .[59]
113 . الإمام عليّ عليه السّلام ـ مِن كِتابِهِ إلى أهلِ مِصرَ ، لَمّا وَلّى عَلَيهِمُ الأَشتَرَ ـ : أمّا بَعدُ ، فَقَد بَعَثتُ إلَيكُم عَبداً مِن عِبادِ اللهِ ، لا يَنامُ أيّامَ الخَوفِ ، ولا يَنكِلُ عَنِ الأَعداءِ ساعاتِ الرَّوعِ ، أشَدُّ عَلَى الفُجّارِ مِن حَريقِ النّارِ ؛ وهُوَ مالِكُ بنُ الحارِثِ أخو مَذحِجٍ ، فَاسمَعوا لَهُ وأطيعوا أمرَهُ في ما طابَقَ الحَقَّ .[60]
114 . المراسيل عن هشام عن أبيه : أكثَرُ ما كانَ رَسولُ اللهِ صلّى الله عليه و آله إذا قَعَدَ عَلَى المِنبَرِ يَقولُ : اتَّقُواْ اللَّهَ وَ قُولُواْ قَوْلا سَدِيدًا[66] .[67]
115 . الإمام الباقر عليه السّلام ـ لِفُضَيلٍ ـ : يا فُضَيلُ ، بَلِّغ مَن لَقيتَ مِن مَوالينا عَنَّا السَّلامَ ، وقُل لَهُم : أنّي أقولُ : إنّي لا اُغني عَنهُم مِنَ اللهِ شَيئاً إلا بِوَرَعٍ ؛ فَاحفَظوا ألسِنَتَكُم ، وكُفّوا أيدِيَكُم ، وعَلَيكُم بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ ؛ فَإِنَّ اللهَ يَقولُ : اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَ الصَّلَوةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّـبِرِينَ[68] .[69]
116 . ثواب الأعمال عن الوصّافي عن الإمام الباقر عليه السّلام : كانَ في ما ناجى بِهِ اللهُ موسى عليه السّلام عَلَى الطّورِ : أن يا موسى ، أبلِغ قَومَكَ أنَّهُ ما يَتَقَرَّبُ إلَيَّ المُتَقَرِّبونَ بِمِثلِ البُكاءِ مِن خَشيَتي ، وما تَعَبَّدَ لِيَ المُتَعَبِّدونَ بِمِثلِ الوَرَعِ عَن مَحارِمي ، ولا تَزَيَّنَ لِيَ المُتَزَيِّنونَ بِمِثلِ الزُّهدِ فِي الدُّنيا عَمّا بِهِمُ