هذا السياق : «من قتل معاهداً لم ير رائحة الجنَّة ، وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً» (1).
وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وآله وسلم : «.. المسلمون إخوة تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذّمتهم أدناهم ، وهم يدٌ على سواهم»(2).
وقد سُئل الاِمام الصادق عليه السلام عن معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «يسعى بذّمتهم أدناهم» فقال : «لو أن جيشاً من المسلمين حاصروا قوماً من المشركين ، فأشرف رجلٌ منهم ، فقال : أعطوني الاَمان حتى ألقى صاحبكم أناظره ، فأعطاه أدناهم الاَمان ، وجب على أفضلهم الوفاء به» (3).
وقد أكد الاِمام علي عليه السلام هذا التوجه النبوي ، وضمنه عهده المعروف لمالك الاَشتر ، وجاء فيه :
«.. وإن عقدت بينك وبين عدوّك عقدة ، أو ألبسته منك ذِمَّة ، فَحُطْ عَهدَكَ بالوفاءِ ، وارع ذِمَّتكَ بالاَمانةِ..» (4).
إنّ الاِسلام وفّر ـ في الواقع ـ الاَمان في مجتمعه وهيأ فيه أجواء الاطمئنان للمعاهدين ، وأوجب الوفاء بعهدهم إلى المدّة المتفق عليها والقابلة للتمديد ، كما وفّره أيضاً للذميين المقيمين في ظل الحكومة الاسلامية من أهل الكتاب ، ولم يُجز التجاوز عليهم بكلمة سوء ، أو بغصب مالٍ ، أو إزهاق نفس ، ومن فعل ذلك فقد ضيّع ذمَّة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم .
(1) كنز العمال : ح1914 . (2) بحار الانوار 100 : 46 ـ 47 . (3) ميزان الحكمة 1 : 354 . (4) بحار الانوار 100 : 47 .