أصول

جواد تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 26/ 10
نمايش فراداده

ولـكـن لا يـمـكـن الـمـساعدة على هذا القول المذكور, وذلك لعدم جريان الاستصحاب في ناحية الـمـوضوع في موارد الشبهة المفهومية , كما هو المفروض في المقام , وقد تعرضنا لذلك في مبحث الاسـتـصـحـاب , وبـينا ان ظاهر خطاب النهي عن نقض اليقين بالشك ان يحتمل الشخص بقاء ذلك الـمـتـيـقـن الحاصل خارجا, بان يكون المحتمل بقاء نفس ذلك الموجود الذي علم به , وفي الشبهات الـمـفـهـومية لا مشكوك كذلك ,فانه في المثال كان يعلم ان الذات المتلبسة بالمبدا (عالم ) وبقاء تلك الـذات مـحـرز, وعـدم بـقـاء تلبسها بالمبدا ايضامحرز, فلا يكون شي ء في الخارج مشكوكا, بل الـمشكوك صدق عنوان (العالم ) على الذات المفروضة مع عدم بقاءتلبسها بالمبدا, والاستصحاب لا يتكفل لاثبات الاسم ومعنى اللفظ, كما هو الحال في مسالة استصحاب بقاء النهار فيمااذا شك بانتهائه بغيبوبة القرص او ذهاب الحمرة المشرقية , فانه مع عدم الشك في الخارج لا مجال للاستصحاب .

واما اجراء الاستصحاب في ناحية الحكم , الذي يظهر من الماتن الالتزام به في الفرض الثاني , فبناءا عـلـى جريان الاستصحاب في الشهبة الحكمية يختص جريانه بما اذا شك في سعة الحكم المجهول وضـيقه من حيث تخلف بعض الحالات التي يكون ثبوت الحكم للموضوع في تلك الحالات متيقنا, كما اذا شـك في تنجس الماء الكثير بعد زوال تغيره بنفسه , حيث ان التغير في الماء يعد عرفا من حالات الـماء, وان الموضوع للتنجس عرفا هو الماء, فيجري استصحاب بقاء نجاسة الماء بعد زوال تغيره , لكون التغير عرفا من حالات الماء لا من مقوماته .

وامـا في الموارد التي لا يحرز فيها بقاء العنوان المقوم للموضوع عرفا, كصوم نهار شهر رمضان , فلا يجري استصحاب الحكم فيها, اذ الموضوع لوجوب الصوم هو نهار شهر رمضان , والنهار مقوم لـمـوضـوع الـحكم عرفا, فاذا شك في بقاء النهارلاجل توهم اختلاف المشتق باختلاف مبادئه في المعنى او بتفاوت ما يعتريه من الاحوال (1).

بـالـشهبة المفهومية , فلا يحرز اتحاد القضية المتيقنة والمشوكة ليجري الاستصحاب في وجوبه والامـر في اكرم العالم كذلك فان عنوان (العالم ) مقوم لموضوع استحباب الاكرام , والذي كنا على يـقين منه , استحباب اكرام زيد بما هو اكرام عالم , ثم شككنا في ان اكرامه بعد انقضاء علمه اكرام للعالم ليجب , ام لا؟ فالشك يكون فيما هو مقوم للموضوع , ومعه لا يجري الاستصحاب .

وبـتبعير اخر: لا يجري الاستصحاب في الشبهات الحكمية الا فيما اذا كان انطباق العنوان موجبا لـحـدوث الحكم بنظرالعرف , ويحتمل دخالة بقائه في بقاء الحكم , او كان المتخلف من قبيل حالات الـشـي ء عـرفا, فالاول كما في قوله سبحانه : (لا ينال عهدي الظالمين ) ((116)) , والثاني كما في تغير الماء الكثير في احد اوصافه .

(1) كان الاختلاف في معاني المشتقات بين المتقدمين على قولين : احدهما: انها حقيقة في خصوص المتلبس بالمبدا, ومجاز في غيره , بمعنى ان معاني هيئات المشتقات ضيقة لاتنطبق الا على الذات المتلبسة بالمبدا, وهذا القول كان لمتاخري الاصحاب والاشاعرة .

وثـانـيـهـمـا: ان مـعاني المشتقات وسيعة تنطبق على المتلبس والمنقضي , وكان على هذا متقدمي الاصحاب والمعتزلة , ثم حدثت الاقوال الاخر كالتفصيل بين ما اذا كان مبدا المشتق لازما او متعديا والالتزام بسعة المعنى على الثاني دون الاول , كما فصل بين تلبس الذات بضد المبدا وعدم تلبسها به , فـفي الاول يعتبر عدم الانقضاء بخلاف الثاني , وكالتفصيل بين كون المشتق محكوما عليه فلا يعتبر الـتـلبس بخلاف ما اذا كان محكوما به فيعتبرالتلبس , والاخير تفصيل باعتبار ما يعتري المشتق من الحالات , بخلاف الاولين فانهما تفصيل في المشتق بحسب المبادى .

وقد ذكر المحقق النائيني (ره ) انه لا معنى للنزاع في المشتق بناءا على بساطة مفهومه , وان هيئته موضوعة للدلالة على اتحاد المبدا مع الذات خارجا, بخلاف نفس المبدا, فانه لوحظ في مقابل الذات ولذا لا يحمل عليها.

وبـتـعبير اخر بعد انقضاء المبدا عن الذات وارتفاع معنى المشتق لا معنى لانطباقه على عدمه , بل يكون المشتق اوضح خروجا عن النزاع , من الجوامد التي ذكر خروجها عن محل الكلام كالانواع , ووجه الاولوية انـه مع ارتفاع الصورة النوعية في تلك الجوامد تبقى الهيولى والمادة القابلة للصور, بخلاف المشتقات بناءا على بساطة مفاهيمها.

لا يقال : كيف يستعمل المشتق ولو مجازا في موارد الانقضاء, او في موارد التلبس فيما بعد؟ فانه يقال : بما ان الموضوع له اتحاد المبدا مع الذات والذات الموصوفة بمعنى المشتق باقية , فيكون اطلاق المشتق (الموضوع لجهة الاتحاد) على موصوفه بنحو من المجاز والعناية , وهذا النحو من الـعـناية يمكن في معنى المبداايضا, فانه مع عدم امكان انطباقه على عدمه يمكن اطلاقه على الذات بنحو من العناية كقولنا: (زيد عدل ).

نـعم , لو قيل بدخول الذات في معنى المشتق , فللنزاع في انـه موضوع لخصوص المتلبس او للاعم مـجـال , اذ الـركـن الـوطيد والثابت بناءا على تركب معناه مفروض , ويمكن ان يكون تلبسه بالمبدا كـالـحـيثية التعليلية في صدق المشتق بان تكون فعلية التلبس في الذات موجبة لصدق معنى المشتق عليها, ولوبعد انقضاء المبدا عنها.

ثـم انـه (ره ) عـدل عن هذا ايضا وبنى على عدم امكان وضع المشتق للاعم , حتى بناءا على تركب مـفـهـومه , وذكر في وجه ذلك : ان الموضوع له لا يمكن ان يكون الذات باطلاقها, ضرورة ان من اللازم اخذ قيد فيها, وهذا القيد لا يكون هوالمبدا, فانه -بما هو مبدا اجنبي عن الذات , بل لابد من لحاظ نسبة ما -ولو كانت ناقصة - بين المبدا والذات , وتكون تلك النسبة جهة اتحاد المبدا مع الذات , ومـن الـظـاهر ان جهة الاتحاد لا تكون الا في مورد فعلية التلبس , والذات المنقضي عنها المبدا لا تتحد مع المبدا الا بلحاظ التلبس وفعلية المبدا.

وان شـئت قـلت : الذات -بعد انقضاء المبدا عنها خالية عن المبدا, فكيف تتحد معه والمبدا في مورد الـتـلبس موجود ومتحد مع الذات , ولا يمكن وضع المشتق للجامع بينهما, حيث لا جامع بين الوجود والـعـدم , نعم يمكن تصورالجامع بينهما بادخال الزمان في معنى المشتق , بان يكون الموضوع له هي الـذات الـمـتحدة مع المبدا في غير الزمان المستقبل , وهذا يوجب دلالة الاسماء على الزمان , مع ان الزمان غير داخل في مداليل الافعال فضلا عن الاسماء ((117)) .

اقـول : لـو اراد القائل ببساطة مفهوم المشتق , ما ذكره (ره ) فالامر كما ذكره , من ويدل عليه تبادر خصوص المتلبس بالمبدا في الحال (1).

انــه بناءا عليها لا يمكن وضعه للاعم , واما لو اريد بها ما سياتي بيانه في البحث عن بساطة مفهومه او تركبه , فلا منافاة بين البساطة بذلك المعنى ووضعه للاعم .

وما ذكره ثانيا من ان وضع المشتق للاعم غير ممكن حتى بناءا على تركب معناه لا يمكن المساعدة عـليه , فانه بناءا على التركب يمكن اخذ قيد للذات , بحيث ينطبق معه على المتلبس والمنقضي , من غـيـر اخذ مفهوم الزمان او مصداقه اصلا, بان توضع هيئة فاعل مثلا للذات الخاصة وهي ما انتسب الـيـهـا المبدا بانتساب تحققي بقي الانتساب ام لا, وهذاالمعنى كما ينطبق على المتلبس ينطبق على المنقضي , واذا لم يمكن ذلك فيمكن وضعها لاحدى الذاتين من المتلبس والمنقضي , فيكون الموضوع لـه جـامـعا اعتباريا وهو عنوان احدهما, القابل للانطباق على المتلبس والمنقضي , فان وضع اللفظ لـلجامع الاعتباري ممكن , بل واقع , ويزيدك وضوحا ملاحظة الواجب التخييري على ما ذكرنا في محله .

حجية القول بوضع المشتق للمتلبس بالحال

(1) ولـعـل مـراده مـن الحال في المقام حال الاسناد وحمل معنى المشتق على الذات , بحيث لو قال مـخـبر: (زيد قائم ) ولم يكن في البين قرينة على ان اسناد (قائم ) الى (زيد) وحمله عليه بلحاظ زمان اخر, ينصرف الكلام الى ان حال الاسنادوالحمل زمان النطق كما تقدم سابقا, ويتبادر ان تلبس زيد بالقيام في حال حمل قائم واسناده اليه .

وبـتـعبير اخر لا يتبادر من المشتق معنى وسيع فحمله على ذات لا يدل على ان تلك الذات في حال الحمل والتطبيق وحال انقضائه عنها بالنسبة الى الحال المفروض .

وصحة السلب مطلقا عما انقضى عنه (1).

ويـمكن ان يكون مراده بالحال فعلية المبدا كما ذكرنا سابقا, ويقال ان المتبادر من المشتق , ما يكون تلبسه بالمبدا فعليافي مقابل ما يكون تلبسه بالمبدا منقضيا وما يكون تلبسه بالمبدا فيما بعد, وكما ان اطلاقه على ما يكون تلبسه فيما بعدبنحو من العناية , كذلك اطلاقه على ما انقضى عنه المبدا يكون بالعناية .

(1) الـمـراد بـالاطـلاق -كما ياتي بيانه - اطلاق المسلوب , والمراد من السلب نفي ما ارتكز في الاذهـان من معنى المشتق عن فاقد المبدا, وان كان واجدا له ومتلبسا به فيما انقضى , ويشهد لصحة هذا السلب ان الذات اذا انقضى عنها المبدايصدق وينطبق عليها المشتق المضاد للمشتق الذي انقضي عـنها مبدئه , كما في صدق القاعد على ذات انقضى عنهاالقيام , مع ان القاعد والقائم بحسب ما ارتكز في الاذهان من معناهما متضادان , كما هو الحال في مبدئهما.

وربـما يقرر تقابل التضاد بين المشتقات التي مبادئها متضادة دليلا مستقلا على كون المشتق حقيقة فـي خـصـوص الـمتلبس بالمبدا في الحال , بان يقال : لو لم يكن المشتق حقيقة في خصوص المتلبس بـالمبدا في الحال لما كان بين معنى قاعد ومعنى قائم مثلا تضاد, بل يكونان من المتخالفين في المعنى يـصدقان على الذات معا كما في سائرالمتخالفات في المعنى , فانه يصدق على (زيد) انه عالم وانـه قـاعد, وكما لا يكون بين معنى عالم ومعنى قاعد الاالتخالف , كذلك بين معنى قاعد ومعنى قائم , بناءا عـلـى عـدم وضع المشتق لخصوص المتلبس بالمبدا في الحال ,ضرورة ان التضاد على هذا الفرض يـكـون بين مبدئهما فقط, فارتكاز التقابل بينهما بنحو التضاد كما هو الحال في مبدئهما, يكون دليلا على ان المشتق حقيقة في خصوص المتلبس في الحال .

ولا يرد على هذا التقرير بان الاستدلال على التضاد بين مثل معنى قاعد ومعنى قائم مصادرة , لتوقف الـتـضـاد بينهما على احراز كون المشتق حقيقة في خصوص المتلبس في الحال , ولو توقف احراز كونه حقيقة في ذلك على ثبوت التضادلدار.

والوجه في عدم الورود هو ان التضاد بين معنى قاعد وقائم ثبت بارتكاز اهل المحاورة , فلا يتوقف على احراز كون المشتق حقيقة في خصوص المتلبس في الحال .

وربـمـا يقال مجرد ارتكاز التضاد بين معنى قاعد وقائم لايكون دليلا على كون المشتق حقيقة في خـصـوص الـمتلبس في الحال , اذ من المحتمل ان يكون ارتكاز المضادة لاجل الانسباق الحاصل من اللفظ المطلق , حيث ان اللفظاذا كان له معنى كلي و كان لذلك المعنى فردان بحيث استعمل اللفظ في احدهما كثيرا حتى ما كان يحتاج تعيينه في الارادة الى ذكر قيد له , بخلاف الاخر حيث كان تعيينه محتاج الى ذكر القيد له , فمثل هذا الانسباق لا يدل على كون اللفظ حقيقة في خصوص الفرد الاول .

اقول : لو تم هذا الاشكال لابطل الاستدلال على كون المشتق حقيقة في خصوص المتلبس بالمبدا في الحال بتقرير التضاد بين المشتقات التي بين مباديها تضاد, وكذا الاستدلال بتبادر المتلبس بالمبدا في الحال , فان التبادرالاطلاقي لايثبت الوضع لخصوص الفرد المتبادر من الاطلاق وعدم ذكر القيد له وانـمـا يثبت الوضع بالتبادر الحاقي (اي المستند الى نفس اللفظ), ولكن لا يبطل الاستدلال بصحة الـسـلب , فان اللفظ لو كان موضوعا لمعنى عام , لما امكن سلب معناه عن فرده , ولو كان ذلك الفرد من افـراده الـتـي لا يـستعمل فيها الا نادرا ومع ذكر القيد مثلا لا يقال (ماء السيل ليس بماء) وان كان المتبادر من الماء عند اطلاقه في الاستعمالات المتعارفة غيره , كما لا يخفى .

وبالجملة جعل المنقضي عنه موضوعا في السالبة , يدل على عدم وضع المحمول لما يعمه .

واجـاب الـمـاتـن (ره ) عن الاشكال : بانه لا مجال في المقام لدعوى احتمال الانسباق من الاطلاق , وذلـك لانـه لواستعمل لفظ في موردين وكان استعماله في احدهما نادرا وفي الاخر غالبا, فيمكن ان يـدعـى ان تـبـادر المورد الثاني دون الاول , مستند الى كثرة الاستعمال واطلاقه , واما اذا كان اسـتـعـمـاله في كل منهما كثيرا, او كان استعماله في الاول اكثر, كمافي المقام , حيث ان استعمال الـمـشتق في موارد الانقضاء اكثر, فلا يحتمل استناد تبادر المعنى الثاني الى الاطلاق وغيرحاق اللفظ, وعليه فتبادر خصوص المتلبس بالمبدا في الحال لا منشا له الا كون المشتق موضوعا له دون غيره .

وهم ودفع : اما الوهم , فلعلك تقول : لا ينحصر الانسباق الاطلاقي بما ذكر, اذ ربما يكون اللفظ موضوعا للجامع ويـستعمل في كلاالموردين , من غير ان يكون استعماله في احدهما نادرا ومع ذلك ينسبق احدهما بخصوصه الى الاذهان عند الاطلاق ,وليكن المقام من هذا القبيل مثلا صيغة الامر تستعمل في مورد الـوجوب النفسي وفي مورد الوجوب الغيري , ولا يكون استعمالها في موارد الوجوب النفسي اكثر من ان قلت : على هذا يلزم ان يكون في الغالب او الاغلب مجازا (1).

مـوارد الـوجـوب الـغـيري , مع انـه ينسبق الى الاذهان عند اطلاقها الوجوب النفسي , فلا يكون الانـسـبـاق الاطـلاقي مختصابموارد ندرة استعمال اللفظ في احد الموردين وشيوعه في المورد الاخر.

امـا الدفع , فلان تمايز الوجوب النفسي عن الوجوب الغيري بالاطلاق والتقييد ثبوتا, فيكون انفهام الوجوب الغيري في مقام الاثبات ايضا بالتقييد, واما الوجوب النفسي فيكفي في تفهيمه اطلاق الطلب فـي مـقام الاثبات مع تمامية مقدمات الاطلاق ولا يقاس ذلك بما اذا لم يكن امتياز فرد من الجامع عن فـرده الاخر بالخصوصية الخارجية لكل منهما, مع تباين تلك الخصوصيتين , كما في امتياز المتلبس بـالمبدا في الحال عن المنقضي عنه المبدا, فلا يكون انسباق المتلبس من المشتق مع كثرة استعماله في موارد الانقضاء من الانسباق الاطلاقي .

(1) هذا تعرض لما يرد على الالتزام بان المشتق حقيقة في خصوص المتلبس بالمبدا في الحال مع الالـتـزام بـانه يستعمل في موارد الانقضاء كثيرا او ان استعماله فيها اكثر من استعماله في موارد التلبس , فانه لابد من الالتزام بان غالب الاستعمالات او اغلبها في المشتقات بنحو المجاز, وهذا امر بعيد لا تساعده حكمة الوضع .

لا يـقـال : لابـاس بالالتزام بان اكثر استعمالات المشتقات تقع على نحو المجاز, وقد قيل بان اكثر الاستعمالات في المحاورات تقع مجازا.

فـانـه يـقال : لو سلم بان اكثر المحاورات مجازات , فالمراد بذلك ان المعاني المجازية بالنسبة الى الـمـعنى الحقيقى متعددة , لا ان اغلب الاستعمالات اللفظية مجازات , نعم ربما يتفق في لفظ واحد ان يـسـتعمل في معناه المجازي كثيرالكثرة الحاجة الى تفهيمه ولكن من المستبعد وقوع ذلك في تمام الالفاظ, كما هو الحال قلت : مضافا الى ان مجرد الاستبعاد غير ضائر (1).

في المشتقات حيث ان استعمال كل منها في موارد الانقضاء كثير او اكثر.

(1) اجاب (ره ) عن الاعتراض بلزوم كثرة الاستعمالات المجازيه بوجهين , احدهما: انـه لا باس بـالالتزام بها بعدمساعدة ما تقدم من الادلة على ان المشتق موضوع للمتلبس في الحال , وثانيهما: انه يمكن ان تكون تلك الاستعمالات بنحو لايلزم منها التجوز بان يطبق معنى المشتق على المنقضي عنه لا بلحاظ انقضاء المبدا, بل بلحاظ حال تلبسه به ,فيراد من (جاء الضارب ) جاء الذي كان ضاربا قبل مجيئه , لا الضارب حال المجي ء وبعد انقضائه , كي يكون الاستعمال مجازا.

وربما يتوهم انـه لو كان الاستعمال في موارد الانقضاء بلحاظ حال التلبس , لايمكن اثبات ان انسباق خـصـوص الـمـتـلبس بالمبدا في الحال ناش من حاق اللفظ, لاحتمال كون تبادره ناشئا من استعماله المتلبس في الحال غالبا اودائما.

وقـد دفـع (ره ) هـذا الـتـوهـم بانه لو كان وضع المتشق للاعم لما كان وجه لجعل استعماله في خصوص المتلبس وتطبيقه على موارد الانقضاء بلحاظ حال التلبس , فان ذلك يكون من قبيل الاكل من الـقفا, اذ مع امكان استعماله في معناه الاعم وتطبيقه على الذات المنقضي عنها المبدا بلا محذور, لا موجب لاستعماله في المعنى الاخص وتطبيقه على الذات المفروضة بلحاظ حال تلبسها.

وبـالجملة بناءا على كون المشتق حقيقة في خصوص المتلبس في الحال , يمكن استعماله في موارد الانـقـضـاء بـنحوالحقيقة ايضا, كمااذا اريد من الذات المفروضة حال تلبسها, فيكون تطبيق معنى الـمشتق عليها بلحاظ ذلك الحال حقيقة , ويمكن ان يكون استعماله في تلك الموارد بنحو المجاز, بان يطبق معنى المشتق على الذات المفروضة بلحاظحال انقضاء المبدا عنه مجازا, فمع امكان ثم انه ربما اورد على الاستدلال السلب (1).

الحقيقة , لا موجب للعدول الى الاستعمال المجازي , بخلاف الموارد التي لا يمكن استعمال اللفظ فيها حقيقة , فانه يتعين فيها الالتزام بالمجاز.

(1) ذكـروا ان عـلامـة الـمـجاز صحة السلب المطلق واما صحة السلب المقيد فلاتكون علامة الـمـجـاز, مثلا سلب الحيوان المقيد بكونه ناطق عن البقر صحيح ولايدل على ان استعمال الحيوان وتـطـبيقه على البقر مجاز, وعلى ذلك فقد اوردعلى صحة السلب في المقام بانه ان اريد من صحته سـلـب المشتق عن المنقضي مطلقا, فالصحة غير محرزة , وان اريدسلبه مقيدا فلا تدل صحته على المجازية .

وقـد اجـاب الماتن (ره ) بانه ان اريد من التقييد, التقييد في ناحية المسلوب (اي المشتق ) بان يقيد الـمـشـتـق بفعلية المبدا ويقال ان المنقضي عنه الضرب مثلا ليس هو ضارب بالضرب الفعلي , فهذا الـتـقـييد في ناحية المشتق غير مراد في الاستدلال , بل المسلوب هو المشتق بمعناه المرتكز عند الاذهان عند اطلاقه . وبتعبير اخر: نسلم بان صحة السلب بالمسلوب المقيد اعم من سلب المسلوب مـطلقا, فانه قد يصح سلب الشي ء المقيد عن شي ء, ولا يصح سلب ذلك الشي ء مطلقا عنه , كما في مثال سلب الحيوان المقيد عن البقر, فلا يصح سلب مطلق الحيوان عنه , وان كان المراد من التقييد, تقييد نـفـس الـسـلب بان يقال : ان زيدا ليس في حال عدم تلبسه بالضرب بضارب , فصحة هذا السلب دليل عـلـى ان الـمشتق حقيقة في المتلبس في الحال فقط, فانه لا يصح سلب الطبيعي عن فرده في حال , ولـكـن هـذا الـتـقـييد ايضا غيرمفروض في الاستدلال بل المفروض هو التقييد في ناحية الذات الـمسلوب عنها المبدا حال انقضائه فيقال ان زيدا حال انقضاء الضرب عنه ليس بضارب , فانه لو كان معنى المشتق اعم لما امكن سلبه عنه .

الثاني : عدم صحة السلب في مقتول ومضروب عمن انقضى عنه المبدا(1).

(1) قـد يستدل على كون المشتق حقيقة في المعني الاعم بحيث ينطبق على الذات المتلبسة بالمبدا فـي الـحال وعلى المنقضي عنها بعدم صحة سلب معنى المضروب والمقتول , عمن ضرب او قتل مع فرض انتفاء الضرب والقتل ,ونحوهما غيرهما من المحدود والمخلوق والمختار الى غير ذلك .

وقـد اجـاب الـماتن (ره ) عن جميع ذلك بما تقدم في بعض الامور من ان الكلام في المقام في معاني هـيـئهات المشتقات لا في مبادئها, وانـه قد يراد من المبادى في بعض المشتقات معنى مجازي تبقى الذات متصفة به ولو بعد انقضاءالمعنى الحقيقي , فتصدق تلك المشتقات على الذوات بعد انقضاء المبدا عنها بمعناها الحقيقي , ولكن هذا لا يدل على ان هيئة المشتق موضوعة للاعم من المتلبس في الحال .

وق -د يـنـاق -ش في هذا الجواب بانه لا يتصور لمثل مبدا الضرب معنى يقبل البقاء بعد انقضاء معناه الحقيقي , مع صحة دعوى الجزم بان ما اريد من المبدا في ضمن هيئة الضارب والقاتل , هو المراد من المبدا في ضمن هيئة المضروب والمقتول .

وفيه انه قد يراد في مثل هذه الاستعمالات المتلبس بالمعني الحقيقي , وينطبق على الذات المنقضي عـنـهـا الـمـبدابلحاظ حال تلبسها به , فيراد من قوله (هذا هو المضروب ) المضروب عند فعلية الـضـرب , وقـد يـراد الـمبدا بنحو العلامية للذات , فيراد من المضروب الذات المتلبسة بعلامية الـضرب او القتل واستعمال المبدا في العلامية للذات مجاز, كما في قوله : (هذا المال مسروق , وقد سرق من فلان قبل سنوات ), فلاحظ وتدبر.

الثالث : استدلال الامام (عليه السلام ) تاسيا بالنبي (صلوات اللّه عليه واله )(1).

(1) استدل على كون المشتق حقيقه في المعنى الاعم باستدلال الامام (ع ) في عدة اخبار ((118)) بـقـولـه سـبحانه (لا ينال عهدي الظالمين ) ((119)) على عدم لياقة من عبد صنما او وثنا لمنصب الامامة والخلافة , تعريضا بمن تربع على كرسي الزعامة وادعى لنفسه خلافة النبي (ص ), وكان مـمن عبدالصنم مدة مديدة , فان التعريض المفروض انما يتم بناءا على كون المشتق حقيقة في الاعم لـيـنـطـبـق على من تربع على كرسيها, عنوان الظالم عند تربعه , والا لما صح الاستدلال لانقضاء تلبسهم بالظلم وعبادتهم للصنم عند تصديهم للخلافة .

ومـا فـي عـبـارة الـمـاتـن (ره ): تـاسـيـا بـالـنـبي صلوات اللّه عليه واله اشارة الى ما رواه الخاصة ((120)) والعامة ((121)) بان النبي (ص ) قال : انا دعوة ابي ابراهيم (ع ), حيث لم يعبد هو وعلي صنما ووثنا.

وقال (ص ): فانتهت الدعوة الي والى اخي علي (ع ), لم يسجد احد منا لصنم قط, فاتخذني اللّه نبيا وعليا وصيا.وفيه تعريض لغير علي (ع ) وانهم لعبادتهم الصنم والوثن لا ينالون الوصية والخلافة .

وكـيـف كان , فقد اجاب (ره ) عن الاستدلال المفروض بان اخذ عنوان المشتق في الموضوع على انحاء: الاول : ان يـكـون الـمـشتق لمجرد الاشارة والمعرفية للموضوع , كقول الصادق (ع ):فاذا اردت حـديثنا فعليك بهذا الجالس ((122)) مشيرا الى زرارة , فانه لا دخل لجلوسه في جواز الرجوع وتعلم الحكم واخذه منه .

الـثـانـي : ان يكون لعلية المبدا لثبوت الحكم وبقائه , بان يكون انطباق عنوان المشتق على ذات عند تـلـبسها بالمبدا, علة لثبوت الحكم وبقائه , كما في قوله (ع ) لا يصلين احدكم خلف المجذوم و...

المحدود ((123)) , وقوله سبحانه :(وحلائل ابنائكم ) ((124)) .

والثالث : ان يكون الحكم دائرا مدار انطباق المشتق على الذات وجريه عليها حدوثا وبقاءا, كما في قوله (ع ): لااقبل شهادة فاسق ((125)) , وقوله (ع ): اشهد شاهدين عدلين ((126)) .

والاسـتـدلال الـمـفـروض مـبـنـي عـلـى كـون عنوان الظالم في قوله سبحانه (لا ينال عهدي الـظـالمين ) ((127)) من قبيل الثالث , واما اذا كان من قبيل الثاني , كما يقتضيه عظم منصب الامامة والـخـلافة , فيتم تعريض الامام (ع ) مع كون المشتق حقيقة في خصوص المتلبس في الحال , حيث يكون مفاد الاية ان المتقمص بالخلافة يلزم ان لا يكون متلبسا بالظلم ولوعلى نحو الانقضاء, بل ولو على النحو الترقب والاستقبال ايضا, ولا يتوهم ان الحمل على الوجه الثاني يوجب استعمال المشتق في معناه الاعم لينطبق على المنقضي عنه المبدابلحاظ حال الانقضاء ايضا, فانه كما يستعمل المشتق في النحو الثالث في المتلبس بالحال , كذلك في النحو الثاني , وانماالاختلاف بينهما في بقاء الحكم بعد زوال عنوان المشتق , حيث ان موضوع الحكم في النحو الثاني ما انطبق عليه عنوان المشتق ولو فيما مـضـى , فـان انـطـباقه عليه يكون علة لثبوت الحكم وبقائه , بخلاف النحو الثالث , فان بقاء الحكم فيماانطبق عليه عنوان المشتق , دائر مدار بقاء الانطباق ببقاء المبدا فيه .

وعلى النحو الثاني يكون معنى الاية من كان ظالما ولو انا ما لاينال عهدي ابدا, وارادة هذا المعنى من الايـة لا يـستلزم الاستعمال بلحاظ الانقضاء, بل يصح مع ارادة خصوص المتلبس بالمبدا من عنوان المشتق , كما لا يخفى .

والـمتحصل انه اذا اخذ عنوان المشتق في خطاب موضوعا لحكم ولم يكن في البين قرينة على ان ذكـره عـلى النحو الاول او على النحو الثاني , فظاهر الخطاب ان حدوث عنوان المشتق , موضوع لـحـدوث الـحكم وبقائه موضوع لبقاء الحكم ,فيكون الحكم فيما انطبق عليه عنوان المشتق دائرا مـدار الانـطـباق , واما اذا قامت قرينة عرفية على انـه على احدالنحوين , يؤخذ بمقتضى القرينة , والـقرينة في مورد الاية المباركة هي عظم منصب الامامة والخلافة من اللّه (تعالى شانه ),فان كل شخص لا ينال هذا المنصب , فيكون انطباق عنوان الظالم على شخص -ولو في زمان ما موجبا لعدم نـيـلـه هـذاالمنصب , وهذا لا يكون استحسانا كما توهمه بعض , بل قرينة عرفية , حيث لم يرض الشارع بامامة ولد الزنا والمحدودفي الصلاة ولو مع عدالتهما, فكيف يعطي اللّه (سبحانه ) منصب الامامة والخلافة لمن تلبس بالشرك او بغيره من بقي امور: الاول : ان مفهوم المشتق (1).

الفواحش مدة من حياته ؟ وقـد يـؤيد كون عنوان الظالم في الاية المباركة ماخوذا على النحو الثاني نفس التعبير عن الحكم بـصـيـغة المضارع , الظاهرفي البقاء والاستمرار, مع عدم تقييده بزمان , وبفحوى ما ورد في عدم جواز الاقتداء في الصلاة بالمحدود وولد الزنا.

بساطة معنى المشتق

(1) لا ينبغي التامل في ان معنى المشتق كما ان مادته موضوعة لمعنى , كذلك هيئته موضوعة لمعنى , واذا كـان كذلك فاللازم فرض معنى للهيئة غير معنى المادة السارية في جميع المشتقات , ولا يمكن ان يـكون معنى الهيئة مجرد انحاءالتلبسات , بان تكون كل هيئة من هيئات المشتقات موضوعة لنحو من انحائها, كما هو الحال في هيئة الفعل الماضي المعلوم او المجهول , وكذا في هيئة الفعل المضارع , والا لـم يـصـح جـعـلـه مـحـكـومـا عـلـيـه فـي مثل قوله سبحانه (السارق والسارقة فاقطعوا ايـديـهـمـا) ((128)) مـمـا لا يكون على موصوف , بل لا جعله محمولا على الذات في مثل قوله زيـدضـارب , فـان مـلاك الحمل في مثله الاتحاد الخارجي , ومن الظاهر ان واقع التلبس بالضرب صدورا غير (زيد) خارجا, لاانه هو هو.

وبـتعبير اخر: تحقق المبدا فيما كان عرضا وان كان بعين وجود موضوعه , الاان وجود موضوعه غـير وجوده , فلاوجه لما هو المعروف من ان الفرق بين المبدا والمشتق هو الفرق بين بشرط لا ولا بـشـرط, بمعنى ان المبدا فيما اذالوحظ في مقابل الذات يكون مدلولا للمصدر, واذا لوحظ بما انــه متحد مع الذات وانـه شان من شؤونها, يكون مدلولا للمشتق ,فان مقتضى التفرقة بين المعنيين كذلك مع قطع النظر عن الاعتبارين هو اتحادهما في اصل المعنى وان الاختلاف يكون اعتباريا, مع انــه لـيـس الامـر كذلك , فان المبدا ـباي نحو لوحظـ لا يتحد مع الذات خارجا, فلو كان المراد بـبـساطة معنى المشتق هذا المعنى , لما امكن للقائل بها ان يلتزم بوضع المشتق للمتلبس في الحال او للاعم كما ذكرنا سابقا ((129)) . مع انـه لا مجال لدعوى الاتحاد المفروض في ما هو غير عرض بـالاضـافة الى معروضه , كما اذا كان المبدا من المعقولات الثانوية الفلسفية كالامكان والامتناع , او كـان عـرضـا ولـكـن لـوحـظ بالاضافة الى غير معروضه من سائر الملابسات , كالزمان والمكان وغـيـرهما, فلا محيص عن الالتزام بدخول الذات في معنى المشتق ليكون دخولها مصححا لحمل معناه على الذوات , ولكن الذات الماخوذة في معناه في غاية الابهام , حيث لم يلاحظ فيها اي خصوصية الا خصوصية التلبس بالمبدا.

ولـيـس الـمـراد ايـضا ان معنى المشتق عند الاطلاق مركب من مفهوم الذات وتلبسها بالمبدا وان المشتق من المركبات الناقصة ليدفع بان ما يتبادر من المشتق ليس الا معنى واحدا وصورة واحدة .

بـل الـمـراد ان المفهوم من المشتق صورة واحدة , وتلك الصورة تنطبق على الذات لا على المبدا, وتـلـك الـذات مـبهمة من جميع الجهات غير جهة التلبس بالمبدا, وحينئذ فيقع الكلام في ان الجهة المعينة فعلية التلبس بالمبدا, اومجردعلى ما حققه المحقق الشريف في بعض حواشيه (1).

تحققه , وهذا يوجب انحلال تلك الصورة الواحدة الى ما الموصولة وتعينها بفعلية التلبس في الحال او مطلقا.

ودعوى ان الذات المبهمة المفروضة لا يمكن ان تكون مدلولا للهيئة الطارئة على المبدا, باعتبار ان مدلول هيئة المشتق معنى حرفي , فلا يتضمن معنى اسميا ((130)) , مدفوعة بانه لا دليل على كون معنى الهيئة في المشتق الذي يطلق عليه الاسم في الاصطلاح غير متضمن لمعنى الذات , وانما يطلق عـلـى الـهـيئة ان معناها حرفي , باعتبار ان الحرف كما لا معنى له عند تجرده عن المدخول , كذلك الـهـيـئة مـن الـمشتقات التي يطلق عليها الاسم . ولعل ما ذكره الماتن (ره ) من تفسيربساطة معنى الـمـشـتـق بانه منتزع عن الذات باعتبار تلبسها بالمبدا, هو ما ذكرناه , وحمل (ره ) كلام المحقق الشريف عليه ,فيكون التركب المنفي , هو ان يتبادر من المشتق عند اطلاقه الصورة المركبة .

ولـكـن ظـاهـر كلام المحقق الشريف يابى هذا الحمل كما سياتي , فان مقتضى استدلاله عدم امكان دخول الذات في معنى المشتق حتى بالنحو الذي ذكرنا.

(1) ذكروا في تعريف الفكر بانـه ترتيب امور معلومة لتحصيل امر مجهول , واورد عليه بالتعريف بالمفردكالتعريف بالفصل وحده او العرض الخاص , فانه ليس في التعريف بهما ترتيب امور.

واجـاب عـن ذلـك فـي شـرح الـمـطالع : بان المعرف -بالفتح - اذا كان من قبيل المشتق , كالناطق والضاحك , يكون التعريف بامور, فان الناطق شي ء له النطق والضاحك شي ء له الضحك ((131)) .

وناقش في ذلك السيد الشريف بانه لا يكون مفهوم المشتق مركبا, فانه على تقدير كون معنى الناطق شـي ء لـه النطق لزم دخول العرض العام في الفصل وهو ممتنع , فان العرض لايكون مقوما للذات هذا فـيما لو اريد بالشي ء مفهومه وان اريدبه مصداقه , لزم انقلاب القضية الممكنة الى الضرورية , فان الجهة في قولنا (الانسان كاتب ) هي الامكان , وعلى تقديردخول مصداق الشي ء في معنى الكاتب يكون مـفـاد الـقـضـية (الانسان , انسان له الكتابة ) وهذه قضية ضرورية , لان ثبوت الشي ء لنفسه يكون ضروريا ((132)) .

اقول : لازم ما ذكره المحقق الشريف عدم دخول الذات في معني المشتق , حتى بنحو الانحلال , حيث انـه لو انحل الى الذات والشي ء يلزم احد المحذورين , اما دخول العرض العام في الفصل , او انقلاب القضية الممكنة الى الضرورية ,فليس السيد الشريف في تحقيقه ناظرا الى ان مفهوم المشتق في بدو الانتقال اليه , بسيط لايدخل فيه الشي ء والذات ,كما اختاره الماتن (ره ) فيما ياتي , ليوافق ما التزم به السيد الشريف , من بساطة معنى المشتق , وقد فسر (ره ) البشرط لاواللابشرط المذكورين في الفرق بين المبدا والمشتق ببشرط لا ولا بشرط الذاتيين .

وقد اجيب عن مناقشة السيد الشريف بوجوه : مـنها ما ذكره الماتن (ره ) عن صاحب الفصول (ره ), وهو عدم لزوم شي ء من المحذورين من دخول الـذات فـي معنى المشتق , فان معنى الشي ء الذي يعد من العرض العام , داخل في معنى الناطق لغة , وما جـعـل فـصـلا لـلانسان هو معناه الاصطلاحي , ولزوم المحذور من دخول العرض العام في معناه الاصطلاحي لايوجب محذورا من دخوله في معناه اللغوي الذي هو المبحوث عنه في المقام , وانه لو قـيـل بـدخـول مصداق الشي ءفي معنى المشتق لا يلزم انقلاب القضية الممكنة الى الضرورية , فان ثـبـوت الانـسـان لـلانسان وان كان ضروريا الا ان الانسان مقيدا بان له الكتابة , لا يكون ثبوته له ضروريا, لجواز ان لا يكون القيد ضروريا ((133)) .

وقـد اورد الـمـصـنف (ره ) على الشق الاول من الجواب المفروض , بانه غير صحيح , سواء قيل بدخول معنى الشي ء في معنى المشتق , او قيل بدخول مصداقه فيه , فان المقطوع به هو ان الناطق في عرف المنطقيين قد اعتبر فصلا للانسان بما له من المعنى اللغوي وبلا تصرف في معناه اصلا.

كـمـا اورد عـلى استدلال المحقق الشريف لعدم دخول معنى الذات في معنى المشتق , بلزوم دخول الـعرض العام في الفصل , بان مثل الناطق ليس بفصل حقيقي , بل لازم الفصل واظهر خواصه , فيكون فصلا مشهوريا منطقيا يوضع مكان الفصل الحقيقي اذا لم يعرف الحقيقي , ولذا يجعل مكانه لازمان , اذا كـانا متساويي النسبة , كما يذكر الحساس والمتحرك بالارادة , فصلا للحيوان , فلا يلزم من دخول معنى الشي ء في معني الناطق الا دخول العرض العام , واخذه في خاصة الشي ء التي هي من العرضيات لا في فصله المعدود من الذاتيات في باب الكليات .

وامـا مـسـالـة انـقلاب القضية الممكنة الى الضرورية فهو مما لا محيص عنه , كما ذكر المحقق الشريف , وذلك لان قيد له الكتابة لا يمكن اخذه في المحمول الاباحد نحوين : الاول : ان يـكون لمجرد الاشارة الى المحمول بلا دخل فيه اصلا بان يكون المحمول على الانسان في قولنا (الانسان كاتب ) هو الانسان فقط, وقيد (له الكتابة ) اشارة الى الانسان , وعليه فالانقلاب ظاهر, لان ثبوت الانسان للانسان ضروري .

والـثـانـي : ان يكون القيد داخلا في المحمول , بان يكون المحمول في قوله (الانسان كاتب ) كل من الامـريـن (الانـسان ) وقيد (له الكتابة ) فتنحل القضية الواحدة وهي (الانسان كاتب ) الى قضيتين احداهما (الانسان انسان )والاخرى (الانسان له الكتابة ) فالاولى ضرورية والثانية ممكنة .

وامـا عـدم جعل القيد محمولا مستقلا ولا وصفا توضيحيا لنفس المحمول , بل جعله تقييدا لمصداق الـذات , بـان يـضـيق دائرة معنى الانسان في المثال على حد سائر التقييدات , فغير ممكن , لان معنى الانـسان وان كان وسيعا قابلاللتقييد والتضييق كما يقال : الانسان الابيض , او الكبير, او غير ذلك , الا ان المفهوم الوسيع يقبل التضييق بالاضافة الى معنى اخر, لا بالاضافة الى نفسه , مثلا يصح ان يقال (البقر حيوان خاص ) ولا يمكن ان يقال (الحيوان حيوان خاص ).

وبـالـجـمـلـة اذا كان الموضوع في القضية نفس المحمول , او مرادفا له , فلا يمكن تضييق دائرة الـمـحـمـول بالقيد, بل لابد من جعل القيد وصفا توضيحيا مشيرا الى المحمول او محمولا اخر بان يؤخذ التقييد معنى حرفيا غير مقصود,والمقصود بالحمل حمل ذات المقيد.

ومـمـا ذكـرنا يظهر وجه تخصيص السيد الشريف الانقلاب بصورة اخذ مصداق الشي ء في معنى الـمـشـتـق , فـانه لو كان الماخوذ مفهوم الشي ء فهو باعتبار قبوله التقييد لايكون ثبوته بعد التقييد ضروريا.

وكـان الـماتن (ره ) اراد بقوله : وكان القيد خارجا عن المحمول وان كان التقييد داخلا بما هو مـعـنـى حـرفـي ما ذكرناه من كون القيد لمجرد الاشارة الى نفس المحمول , وعبارته في تقرير الانحلال الى قضيتين , بقوله : وذلك لان الاوصاف قبل العلم بها اخبار, كما ان الاخبار بعد العلم بها تـكـون اوصـافا تشير الى ما ذكرنا من عدم كون قيد (له الكتابة ) الا وصفاتوضيحيا, ويكون قبل العلم به خبرا.

ولكن ما ذكره من انحلال عقد الحمل وان الانحلال الى القضيتين مبني عليه , ليس في محله , بل هو مبني على الامر الثاني فقط ((134)) .

وكـيف ما كان , فقد ظهر مما ذكرنا ان مراد المحقق الشريف من بساطة معنى المشتق خروج الذات عن معني المشتق مفهوما ومصداقا, ولا يمكن انحلال معنى المشتق الى احدهما.

واورد المحقق النائيني (ره ) على ما ذكره السيد الشريف من ان اخذ معنى الشي ء في مفهوم المشتق يـوجب دخول العرض العام في الفصل , بان الشي ء بمعناه العام لايكون عرضا عاما ليلزم من دخوله في مـعنى المشتق ما ذكر, بل الشي ء جنس الاجناس لجميع الماهيات جهة جامعة بينها لا عرض عام لها, حيث ان العرض ما يكون خاصة للجنس البعيد او للجنس القريب , والشيئية تكون في جميع الماهيات , وليس ورائها امر اخر لتكون الشيئية خاصة ذلك الامروعرضا عاما لجميع الماهيات .

ومـا يـقال من ان الشيئية مساوية للوجود وبما انه لا يكون مفهوم الوجود جنسا فيكون مفهوم الشي ء الـذي مرادف له كذلك , لا يمكن المساعدة عليه فان الوجود يحمل على الشي ء كما يحمل على سائر الـماهيات , فالمراد من المساوقة مساوقتهما في الصدق لا اتحادهما في المفهوم , ليكون مفهوم الشي ء كـمـفـهوم الوجود عارضا لجميع الماهيات ,والحاصل انـه يلزم من دخول مفهوم الشي ء في المشتق دخـول الـجنس في الفصل , لا دخول العرض العام في الفصل ,وان كان دخول الجنس في الفصل ايضا باطل ((135)) .

وذكـر (ره ): -في جواب صاحب الكفاية الذي ذهب الى ان الناطق فصلا مشهوريا لا حقيقيا, فيلزم من تركب المشتق دخول العرض العام في الخاصة - ان الناطق يعني المتكلم , او المدرك للكليات , ليس فـصـلا اذ الـتـكـلم والادراك من العرض بل المراد به صاحب النفس الناطقة , فلا يلزم من تركب الـمـشـتـق دخـول الـعـرض الـعـام فـي الخاصة كما ذكر (ره ), بل يلزم دخول العرض العام في الفصل ((136)) .