کافی

محمد بن یعقوب الکلینی؛ تعلیق: على اکبر الغفاری

جلد 8 -صفحه : 408/ 30
نمايش فراداده

اضللتني عن الذكر بعد إذ جاء ني و كان الشيطان للانسان خذولا ، فأنا الذكر الذي عنه ضل و السبيل الذي عنه مال و الايمان الذي به كفر و القرآن الذي إياه هجر و الدين الذي به كذب و الصراط الذي عنه نكب ، و لئن رتعا في الحطام المنصرم ( 1 ) و الغرور المنقطع و كانا منه على شفا حفرة من النار لهما على شر ورود ، في أخيب وفود و ألعن مورود ، يتصارخان باللعنة و يتناعقان بالحسرة ( 2 ) ، مالهما من راحة و لا عن عذابهما من مندوحة ، إن القوم لم يزالوا عباد أصنام و سدنة أوثان ، يقيمون لها المناسك و ينصبون لها العتائر و يتخذون لها القربان و يجعلون لها البحيرة و الوصيلة و السائبة و الحام و يستقسمون بالازلام ( 3 ) عامهين عن الله عز ذكره حائرين عن الرشاد ، مهطعين إلى البعاد ( 4 ) ، و قد استحوذ عليهم الشيطان ، و غمرتهم سوداء الجاهلية و رضعوها جهالة و انفطموها ضلالة ( 5 ) فأخرجنا الله إليهم رحمة و أطلعنا عليهم رأفة و اسفر بنا عن الحجب نورا لمن اقتبسه و فضلا لمن اتبعه و تأييدا لمن صدقه ، فتبوؤوا العز بعد الذلة و الكثرة بعد القلة و هابتهم القلوب و الابصار و أذعنت لهم الجبابرة و طوائفها و صاروا أهل نعمة مذكورة و كرامة ميسورة و أمن بعد خوف و جمع بعد كوف ( 6 ) و أضاءت بنا مفاخر معد بن عدنان و أولجناهم ( 7 ) باب الهدى و أدخلناهم دار السلام و أشملناهم ثوب الايمان و فلجوا بنا في العالمين و ابدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين من حام مجاهد و مصل

1 - الرتع : التنعم . و الحطام : الهشيم و من الدنيا كل ما فيها يفنى و يبقى . و المنصرم : المنقطع .

( 2 ) نعق بغنمه : صاح .

3 - العتائر : جمع العتيرة و هي شاة كانوا يذبحونها في رجب لالهتهم . و البحيرة و السائبة : ناقتان مخصوصتان كانوا يحرمون الانتفاع بهما . و الوصيلة : شاة مخصوصة يذبحونها على بعض الوجوه و يحرمونها على بعض . و الحام : الفحل من الامل الذي طال مكثه عندهم فلا يركب و لا يمنع من كلاة و ماء . و الاستقسام بالازلام : طلب معرفة ما قسم لهم مما لم يقسم بالاقداح . و العمه : التحير و التردد .

( في ) .

4 - المندوحة : السعة . و الاهطاع : الاسراع . و في بعض النسخ ( جائزين عن الرشاد ) . و الاستحواذ : الاستيلاء .

5 - في بعض النسخ ( رضعوا جهالة و انفطموا ضلالة ) . و الانفطام : الفصل عن الرضاع اي كانوا في صغرهم و كبرهم في الجهالة و الضلالة و في بعض النسخ ( و انتظموها ضلالة ) فالضمير راجع إلى الجهالة اي انتظموها مع الجهالة في سلك و لعله تصحيف . ( آت ) .

6 - اي تفرق و تقطع . و في بعض النسخ ( حوب ) . و هو الوحشة و الحزن .

( 7 ) أي ادخلناهم .