فأي فعل كان قابلا لابراز ما في النفس من اعتبار الملكية صدق عليه عنوان المعاملة المعاطاتية و تشمله العمومات الدالة على صحة البيع ولزومه، سواء أكان ذلك الفعل تعاطيا من الطرفين أم من طرف واحد، أم لم يكن هنا تعاط أصلا بل كان مجرد وصول الثمن إلى البائع ووصول المثمن إلى المشتري بأي نحو اتفق.
1 - أن يرتوي الظامي من قربة السقاء مع غيبته، وجعل عوضه في المكان المعد له مع علمه بأن السقاء راض بذلك.
2 - أن يلتقط شخص شيئا حقيرا من مخازن الخضارين أو البقالين أو العطارين مع غيبتهم عن دكاكينهم، ويجعل عوض ما يأخذه في صندوقهم، مع العلم أو الاطمئنان العادي برضا المالك بذلك.
3 - أن يرد أحد الحمام ولا يجد فيه صاحبه، ويغتسل فيه ويضع أجرته في المكان المعد لها، مع علم الوارد بأن الحمامي راض بذلك.
ولكن الظاهر أن الأمثلة المزبورة كلها غريبة عن مقصود المتوهم، أعني به تحقق المعاطاة بمجرد أخذ المثمن ووضع الثمن مكانه، بل تلك الأمثلة إما من صغريات الأقسام الماضية أو أنها خارجة عن حدود المعاطاة بالكلية.
أما المثال الأول، فلأن شرب الماء يختلف حسب اختلاف الأشخاص والحالات، إذ قد يكون المشرف على الماء من الأشخاص الظمأ شديد الظمآن، وقد يكون عطشانا عاديا، أما الأول فلا يرتوي إلا بشرب مقدار كثير من الماء، وأما الثاني فيصير ريانا بشرب المقدار اليسير منه.