والتحقيق أن لفظ البيع ليس اسما للسبب، ولا أنه اسم للمسبب، بل إنما هو اسم للاعتبار المبرز بمبرز خارجي فعلي أو قولي، وإذن فلا مانع عن التمسك بالاطلاقات والعمومات الدالة على صحة البيع ولزومه، وعلى هذا فلا مناص لنا عن الالتزام بوضع ألفاظ المعاملات للأعم من الصحيح والفاسد، ولا يخفى عليك أن ما ذكرناه جار في سائر العقود بل الايقاعات أيضا.
ومع الاغضاء عما ذكرناه، والقول بوضع ألفاظ المعاملات لخصوص الصحيح، أمكن لنا اثبات الصحة واللزوم في الموارد المشكوكة بقوله تعالى: أحل الله البيع (1).
ضرورة أن البيع وإن كان حقيقة في الصحيح الشرعي، ولكن المراد من البيع الذي تعلق به الحل في الآية الكريمة إنما هو البيع الانشائي، إذ الظاهر من احلال البيع إنما هو امضاؤه المولوي، كما هو الظهور الابتدائي أيضا من أدلة سائر الأحكام، ومن الواضح أنه لو كان المراد من البيع هو البيع الشرعي لكان ذلك الامضاء لغوا محضا وتحصيلا للحاصل، لأنه لا معنى للقول بأن معنى الآية: أحل الله البيع الممضى، إلا أن يلتزم بكون الآية ارشادا إلى البيع الصحيح.
ولكن ذلك مخالف لظاهرها، بل لا معنى لحملها على الارشاد، إذ المفروض أن انكشاف صحة البيع ونفوذه عند الشارع إنما هو بهذه الآية، ومن البين أن حملها على الارشاد يقتضي أن يكون امضاؤه بغيرها، وهو خلف ظاهر.
وقد اتضح لك مما ذكرناه جواز التمسك باطلاق قوله (عليه السلام): والمسلمون عند شروطهم (2) على صحة البيع في الموارد المشكوكة، مع القول بوضع ألفاظ العقود للصحيح، بدعوى أن مقتضى الاسلام إنما هو وفاء المسلم بشرطه، ومن البديهي أن الحديث بهذا المعنى امضاء تشريعي للشروط المتعارفة، وحكم مولوي بلزوم العمل بها وانهائها واتمامها.
1 - البقرة: 274. 2 - الكافي 5: 169، الفقيه 3: 127، التهذيب 7: 22 و 467، عنهم الوسائل 18: 16. دعائم الاسلام 2: 44، عنه المستدرك 13: 300.