فإن قلت: إن كانت قاعدة التجاوز أصلا والاستصحاب أمارة، فلا معنى لتقدمها عليه، فهل يمكن تقدم الأصل على الأمارة؟ قلت: ما لا يجوز هو تقدم الأصل عليها في حد ذاته وبنحو الحكومة أو الورود، وأما تقدمه عليها لأجل أمر خارجي - كلزوم اللغوية لولا التقدم - فلا مانع منه.
وإن شئت قلت: إن أخبار القاعدة مخصصة لأخبار الاستصحاب لأخصيتها.
هذا بناء على مسلكنا.
وأما بناء على المسلك المعروف - من كون الاستصحاب أصلا وأخذ الشك في موضوعه - فتقدم القاعدة عليه يكون بالحكومة، فإن مفاد أخبار القاعدة هو نفي الشك مثل قوله: (فشككت فليس بشئ) (1)، وقوله: (فشكك ليس بشئ، إنما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه) (2)، والفرض أن الشك موضوع الاستصحاب، فتقدم القاعدة عليه كتقدم قوله: (لاشك لكثير الشك) (3) على أدلة الشكوك، وهذا واضح جدا.
(1) التهذيب 2: 352 / 47 باب 16 من أحكام السهو، الوسائل 5: 336 / 1 باب 23 باب من شك
في شئ من أفعال الصلاة. (2) التهذيب 1: 101 / 111 باب 4 في صفة الوضوء، مستطرفات السرائر: 473 كتاب أحمد بن
محمد بن أبي نصر البزنطي، الوسائل 1: 330 - 331 / 2 باب 42 من أبواب الوضوء. (3) الظاهر أنها قاعدة متصيدة، حيث لم نعثر على هذا النص، راجع الوسائل 5: 329 - 330