تفسير الثعلبي (جزء 8)

احمد بن محمد ثعلبی؛ محققین: نظیر ساعدی، ابو محمد بن عاشور

نسخه متنی -صفحه : 364/ 283
نمايش فراداده

(بشيرا ونذيرا) نعتان للقرآن (فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون) أي لا يسمعونه ولا يصغون إليه (وقالوا) يعني مشركي مكة (قلوبنا في أكنة) أغطية (مما تدعونا إليه) فلا نفقه ما يقول، قال مجاهد: كالجعبة للنبل (وفي آذاننا وقر) فلا نسمع ما يقول، وإنما قالوا ذلك ليؤيسئوه من قبولهم لدينه وهو على التمثيل. (ومن بيننا وبينك حجاب) خلاف في الدين، فجعل خلافهم ذلك ساترا وحاجزا لا يجتمعون ولا يوافقون من أجله ولا يرى بعضهم بعضا. (فاعمل) بما يقتضيه دينك. (إننا عاملون) بما يقتضيه ديننا. قال مقاتل: فأعبد أنت إلهك، وإنا عابدون آلهتنا.

(قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد) قال الحسن: علمه الله التواضع (فاستقيموا إليه) وجهوا وجوهكم إليه بالطاعة والإخلاص (واستغفروه) من ذنوبكم التي سلفت. (وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة) قال ابن عباس: لا يشهدون لا إله إلا الله وهي زكاة الأنفس، وقال الحسن وقتادة: لا يقرون بالزكاة ولا يؤمنون بها، ولا يرون إيتاءها واجبا، وقال الضحاك ومقاتل: لا يتصدقون ولا ينفقون في الطاعة.

وكان يقال: الزكاة قنطرة الإسلام، فمن قطعها نجا ومن تخلف عنها هلك، وقد كان أهل الردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: أما الصلاة فنصلي، وأما الزكاة فوالله لا تغصب أموالنا.

وقال أبو بكر (ح): والله لا أفرق بين شيء جمع الله تعالى بينه والله لو منعوني عقالا مما فرض الله ورسوله لقاتلتهم عليه.

وقال مجاهد والربيع: يعني لا يزكون أعمالهم، وقال الفراء: هو أن قريشا كانت تطعم الحاج، فحرموا ذلك على من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم (وهم بالآخرة هم كافرون إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون) قال ابن عباس: غير مقطوع. مقاتل: غير منقوص، ومنه المنون لأنه ينقص منه الإنسان أي قوته. مجاهد: غير محسوب، وقيل: غير ممنون به. قال السدي: نزلت هذه الآية في المرضى والزمنى والهرمى إذا عجزوا عن الطاعة يكتب لهم الأجر كأصح ما كانوا يعلمون فيه.

(قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين) الأحد والأثنين. (وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها) أي في الأرض بما خلق فيها من المنافع، قال السدي: أنبت شجرها. (وقدر فيها أقواتها) قال الحسن والسدي: يعني أرزاق أهلها ومعايشهم وما يصلحهم، وقال مجاهد وقتادة: وخلق فيها بحارها، وأنهارها، وأشجارها، ودوابها في يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، روى ابن نجيح عن مجاهد، قال: هو المطر قال عكرمة والضحاك: يعنيو قدر في كل بلدة منها، ما لم يجعله في الأخرى، ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة من بلد إلى بلد، فالسابري من سابور، والطيالسة من الري، والحبر واليمانية من اليمن، وهي رواية حصين، عن مجاهد.