تفسير البغوي (جزء 3)

حسین بن مسعود بغوی؛ محقق: خالد عبد الرحمان عک

نسخه متنی -صفحه : 574/ 180
نمايش فراداده

يمرون بفيل ولا وحش ولا خنزير ولا كلب إلا أكلوه ومن مات منهم أكلوه مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان يشربون أنهار المشارق وبحيرة طبرية وعن علي أنه قال منهم من طوله شبر ومنهم من هو مفرط في الطول وقال كعب هم نادرة ولد آدم وذلك أن آدم احتلم ذات يوم وامتزجت نطفته بالتراب فخلق الله من ذلك الماء يأجوج ومأجوج فهم يتصلون بنا من جهة الأب دون الأم وذكر وهب بن منبه أن ذا القرنين كان رجلا من الروم ابن عجوز فلما بلغ كان عبدا صالحا قال الله له إني باعثك إلى أمم مختلفة ألسنتهم منهم أمتان بينهما طول الأرض إحداهما عند مغرب الشمس يقال لها ناسك والأخرى عند مطلعها يقال لها منسك وأمتان بينهما عرض الأرض إحداهما في القطر الأيمن يقال لها هويل والأخرى في قطر الأرض الأيسر يقال لها تأويل وأمم في وسط الأرض منهم الجن والإنس ويأجوج ومأجوج فقال ذو القرنين يا رب بأي قوة أكابرهم وبأي جمع أكاثرهم وبأي لسان أناطقهم قال الله عز وجل إني سأقويك وأبسط لك لسانك وأشد عضدك فلا يهولنك شيء وألبسك الهيبة فلا يروعك شيء وأسخر لك النور والظلمة وأجعلهما من جنودك يهديك النور من أمامك وتحوطك الظلمة من ورائك فانطلق حتى أتى مغرب الشمس فوجد جمعا وعددا لا يحصيه إلا الله فكابرهم بالظلمة حتى جمعهم في مكان واحد فدعاهم الله الله وإلى عبادته فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه فعمد إلى الذين تولوا عنه فأدخل عليهم الظلم فدخلت في أجوافهم وبيوتهم فدخلوا في دعوته فجند من أهل المغرب جندا عظيما فانطلق يقودهم والظلمة تسوقهم حتى أتى هويل فعمل فيهم كعمله في ناسك ثم مضى حتى انتهى إلى منسك عند مطلع الشمس فعمل فيها وجند فيها جنودا كفعله في الأمتين ثم أخذ ناحية الأرض اليسرى فأتى تأويل فعمل فيها كعمله ثم عمد إلى الأمم التي في وسط الأرض فلما دنا مما يلي منقطع الترك نحو المشرق قالت له أمة صالحة من الإنس يا ذا القرنين إن بين هذين الجبلين خلقا أشباه البهائم يفترسون الدواب والوحوش لهم أنياب وأضراس كالسباع يأكلون الحيات والعقارب وكل ذي روح خلق في الأرض وليس يزداد خلق كزيادتهم ولا شك أنهم سيملؤون الأرض ويظهرون علينا ويفسدون فيها فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال ما مكني فيه ربي خير قال اعدوا إلي الصخرة والحديد والنحاس حتى أعلم علمهم فانطلق حتى توسط بلادهم فوجدهم على مقادر واحد يبلغ طول الواحد منهم مثل نصف الرجل المربوع منا لهم مخاليب كالأظفار في أيدينا وأنياب وأضراس كالسباع ولهم هدب من الشعر في أجسادهم يواريهم ويتقون به من الحر والبرد ولكل واحد منهم أذنان عظيمتان يفترش إحداهما ويلتحف بالأخرى يصيف في إحداهما ويشتو في الأخرى يتسافدون تسافد البهائم حيث التقوا فلما عاين ذلك ذو القرنين انصرف إلى ما بين الصدفين فقاس ما بينهما فحفر له الأساس حتى بلغ الماء وجعل حشوه الصخر وطينه النحاس يذاب فيصب عليه فصار كأنه عرق من جبل تحت الأرض قوله تعالى (مفسدون في الأرض) قال الكلبي فسادهم أنهم كانوا يخرجون أيام