تفسير البغوي (جزء 3)

حسین بن مسعود بغوی؛ محقق: خالد عبد الرحمان عک

نسخه متنی -صفحه : 574/ 412
نمايش فراداده

السماء لينظر إلى طول الدنيا وعرضها ففعل ذلك فنظر يمينا وشمالا فرأى بستانا لبلقيس فمال إلى الخضرة فوقع فيه فإذا هو بهدهد فهبط عليه وكان اسم هدهد سليمان يعفور واسم هدهد اليمن يعفير فقال يعفير اليمن ليعفور سليمان من أين أقبلت وأين تريد قال أقبلت من الشام مع صاحبي سليمان بن داود فقال ومن سليمان قال ملك الجن والإنس والشياطين والطير والوحش والرياح فمن أين أنت قال أنا من هذه البلاد قال ومن ملكها قال امرأة يقال لها بلقيس وإن لصاحبكم ملكا عظيما ولكن ليس ملك بلقيس دونه فإنها ملكة اليمن كلها وتحت يدها إثنا عشر ألف قائد تحت يد كل قائد مائة ألف مقاتل فهل أنت منطلق معي حتى تنظر إلى ملكها قال أخاف أن يتفقدني سليمان في وقت الصلاة إذا احتاج إلى الماء قال الهدهد اليماني إن صاحبك يسره أن تأتيه بخبر هذه الملكة فانطلق معه ونظر إلى بلقيس وملكها وما رجع إلى سليمان إلا في وقت العصر قال فلما نزل سليمان ودخل عليه وقت الصلاة وكان نزل على غير ماء فسأل الإنس والجن والشياطين عن الماء فلم يعلموا فتفقد الطير ففقد الهدهد فدعا عريف الطير وهو النسر فسأله عن الهدهد فقال أصلح الله الملك ما أدري أين هو وما أرسلته إلى مكان فغضب عند ذلك سليمان وقال (لأعذبنه عذابا شديدا) الآية ثم دعا العقاب سيد الطير فقال علي بالهدهد الساعة فرفع العقاب نفسه دون السماء حتى التزق بالهواء فنظر إلى الدنيا كالقصعة بين يدي أحدكم ثم التفت يمينا وشمالا فإذا هو بالهدهد مقبلا من نحو اليمن فانقض العقاب نحوه يريده فلما رأى الهدهد ذلك علم أن العقاب يقصده بسوء فناشده فقال بحق الله الذي قواك وأقدرك علي إلا رحمتني ولم تتعرض لي بسوء قال فولى عنه العقاب وقال له ويلك ثكلتك أمك إن نبي الله قد حلف أن يعذبك أو يذبحك ثم طارا متوجهين نحو سليمان فلما انتهيا إلى المعسكر تلقاه النسر والطير فقالوا له ويلك أين غبت في يومك هذا ولقد توعدك نبي الله وأخبراه بما قال فقال الهدهد أوما استثناى رسول الله قالوا بلى قال أو ليأتيني بسلطان مبين قال فنجوت إذا ثم طار العقاب والهدهد حتى أتيا سليمان وكان قاعدا على كرسيه فقال العقاب لقد أتيتك به يا نبي الله فلما قرب الهدهد منه رفع رأسه وأرخى ذنبه وجناحيه يجرهما على الأرض تواضعا لسليمان فلما دنا منه أخذ برأسه فمده إليه وقال أين كنت لأعذبنك عذابا شديدا فقال الهدهد يا نبي الله اذكر وقوفك بين يدي الله تعالى فلما سمع سليمان ذلك ارتعد وعفا عنه ثم سأله فقال ما الذي أبطأ بك عني فقال الهدهد ما أخبر الله عنه في قوله 22 (فمكث) قرأ عاصم ويعقوب (فمكث) بفتح الكاف وقرأ الآخرون بضمها وهما لغتان (غير بعيد) أي غير طويل (فقال أحطت بما لم تحط به) والإحاطة العلم بالشيء من جميع جهاته يقول علمت ما لم تعلم وبلغت ما لم تبلغه أنت ولاجنودك (وجئتك من سبأ) قرأ أبو عمرو والبزي عن ابن كثير من سبأ () و (لسبأ) مفتوحة الهمزة وقرأ القواص عن ابن كثير ساكنة بلا همزة وقرأ الآخرون بالجر فمن لم يجره جعله اسم البلد ومن أجراه جعله اسم رجل فقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن سبأ فقال \ كان رجلا له عشرة من البنين تيامن منهم ستة وتشاءم أربعة \ (بنبأ) بخبر (يقين) فقال سليمان وما ذاك قال