أحكام القرآن (جزء 4)

محمد بن عبدالله ابن عربی؛ محقق: محمد عبدالقادر احمد عطا

نسخه متنی -صفحه : 430/ 366
نمايش فراداده

الإسكندرية وتحقيقها أنها دمشق لأنها ليس في البلاد مثلها وقد ذكرت صفتها وخبرها في كتاب ترتيب الرحلة للترغيب وإليها أوت مريم وبها كان آدم وعلى الغراب جبلها دم هابيل في الحجر جار لم تغيره الليالي ولا أثرت فيه الأيام ولا ابتلعته الأرض باطنها كظاهرها مدينة بأعلاها ومدينة بأسفلها تشقها تسعة أنهار للقصبة نهر وللجامع نهر وباقيها للبلد وتجري الأنهار من تحتها كما تجري من فوقها ليس فيها كظامة ولا كنيف ولا فيها دار ولا سوق ولا حمام إلا ويشقه الماء ليلا ونهارا دائما أبدا وفيها أرباب دور قد مكنوا أنفسهم من سعة الأحوال بالماء حتى إن مستوقدهم عليه ساقية فإذا طبخ الطعام وضع في القصعة وأرسل في الساقية فيجرف إلى المجلس فيوضع في المائدة ثم ترد القصعة من الناحية الأخرى إلى المستوقد فارغة فترسل أخرى ملأى وهكذا حتى يتم الطعام وإذا كثر الغبار في الطرقات أمر صاحب الماء أن يطلق النهر على الأسواق والأرباض فيجري الماء عليها حتى يلجأ الناس في الأسواق والطرقات إلى الدكاكين فإذا كسح غبارها سكر الساقياني أنهارها فمشيت في الطرق على برد الهواء ونقاء الأرض ولها باب جيرون بن سعد بن عبادة وعنده القبة العظيمة والميقاتات لمعرفة الساعات عليها باب الفراديس ليس في الأرض مثله عنده كان مقري وإليه من الوحشة كان مفري وإليه كان انفرادي للدرس والتقري وفيها الغوطة مجمع الفاكهات ومناط الشهوات عليها تجري المياه ومنها تجنى الثمرات وإن في الإسكندرية لعجائب لو لم يكن إلا المنار فإنها مبنية الظاهر والباطن على العمد ولكن لها أمثال فأما دمشق فلا مثال لها

وقد روى معن عن مالك أن كتابا وجد بالإسكندرية فلم يدر ما هو فإذا فيه أنا شداد بن عاد الذي رفع العماد بنيتها حين لا شيب ولا موت قال مالك إن كان لتمر بهم مائة سنة لا يرون بها جنازة

وذكر عن ثور بن زيد أنه قال أنا شداد بن عاد أنا الذي رفعت العماد أنا الذي كنزت كنزا على سبعة أذرع لا يخرجه إلا أمة محمد