تفسير ابن عربي (جزء 1)

محمد بن علی ابن عربی؛ محقق: عبد الوارث محمد علی

نسخه متنی -صفحه : 388/ 133
نمايش فراداده

الأيمن (ينادي) إلى الإيمان العياني (أن آمنوا بربكم) أي: شاهدوا ربكم، فشاهدنا (ربنا فاغفر لنا) ذنوب صفاتنا بصفاتك (وكفر عنا) سيئات أفعالنا برؤية أفعالك (وتوفنا) عن ذواتنا في صحبة الأبرار من الأبدال الذين تتوفاهم بذاتك عن ذواتهم، لا الأبرار الباقين على حالهم في مقام محو الصفات غير المتوفين بالكلية (ربنا وآتنا ما وعدتنا على) اتباع (رسلك) أو محمولا على رسلك من البقاء بعد الفناء، والاستقامة بالوجود الموهوب بعد التوحيد (ولا تخزنا يوم القيامة) الكبرى ووقت بروز الخلق لله الواحد القهار بالاحتجاب بالوحدة عن الكثرة، وبالجمع عن التفصيل (إنك لا تخلف الميعاد) فتبقى مقاما وراءنا لم نصل إليه.

(فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر) القلب من الأعمال القلبية كالإخلاص واليقين والكشف (أو أنثى) النفس من الأعمال القالبية، كالطاعات والمجاهدات والرياضات (بعضكم من بعض) يجمعكم أصل واحد وحقيقة واحدة هي الروح الإنسانية، أي: بعضكم منشأ من بعض، فلا أثيب بعضكم وأحرم بعضا (فالذين هاجروا) عن أوطان مألوفات النفس (وأخرجوا من) ديار صفاتها أو هاجروا من أحوالهم التي التذوا بها، وأخرجوا من مقاماتهم التي يسكنون إليها (وأوذوا في سبيلي) أي: ابتلوا في سبيل سلوك أفعالي بالبلايا والمحن والشدائد والفتن ليتمرنوا بالصبر، ويفوزوا بالتوكل في سبيل سلوك صفاتي بسطوات تجليات الجلال والعظمة والكبرياء ليصلوا إلى الرضا (وقاتلوا) البقية بالجهاد في (وقتلوا) وأفنوا في بالكلية (لأكفرن عنهم سيئاتهم) كلها من الصغائر والكبائر، أي: سيئات بقاياهم (ولأدخلنهم) الجنات الثلاثة المذكورة (ثوابا) أي: عوضا لما أخذت منهم من الوجودات الثلاثة (والله عنده حسن الثواب) أي: لا يكون عند غيره الثواب المطلق الذي لا يبقى منه شيء، ولهذا قال: والله، لأنه الاسم الجامع لجميع الصفات، فلم يحسن أن يقول: والرحمن، في هذا الموضع أو اسم آخر غير اسم الذات.