تفسير ابن عربي (جزء 2)

محمد بن علی ابن عربی؛ محقق: عبد الوارث محمد علی

نسخه متنی -صفحه : 400/ 35
نمايش فراداده

تفسير سورة الأنبياء من آية 19 - 32

والعدل الذي قامت به السماوات والأرض هو ظل الوحدة في عالم الكثرة، ولو لم يوجد هيئة وحدانية في المركبات كاعتدال المزاج لما وجدت، ولو زالت تلك الهيئة لفسدت في الحال (فسبحان الله) أي: نزه للفيض على الكل بربوبيته للعرش الذي ينزل منه الفيض على جميع الموجودات عما تصفونه من إمكان التعدد.

(يعلم ما بين أيديهم) أي: ما تقدمهم من العلم الكلي الثابت في أم الكتاب المشتمل على جميع علوم الذوات المجردة من أهل الجبروت والملكوت (وما خلفهم) من علوم الكائنات والحوادث الجزئية الثابتة في السماء الدنيا، فكيف يخرج علمهم عن إحاطة علمه ويسبق فعلهم أمره وقولهم قوله (ولا يشفعون إلا لمن) علمه أهلا للشفاعة بقبوله لصفاء استعداده ومناسبة نفسه للنور الملكوتي (وهم) في الخشية من سبحات وجهه والخشوع والإشفاق والانقهار تحت أنوار عظمته.

(أو لم ير) المحجوبون عن الحق (أن السماوات والأرض كانتا) مرتوقتين من هيولى واحدة ومادة جسمانية (ففتقناهما) بتباين الصور، أو أن سماوات الأرواح وأرض الجسد كانتا مرتوقتين في صورة نطفة واحدة ففتقناهما بتباين الأعضاء والأرواح.