تفسير ابن عربي (جزء 2)

محمد بن علی ابن عربی؛ محقق: عبد الوارث محمد علی

نسخه متنی -صفحه : 400/ 384
نمايش فراداده

سورة العاديات

تفسير سورة العاديات من آية 1 - 5

بسم الله الرحمن الرحيم

(والعاديات) أي: النفوس المجتهدة السائرة في سبيل الله التي تعدو من شدة سيرها ورياضتها وجدها في سعيها كالخيل العادية تتنفس الصعداء من برحاء الشوق.

(فالموريات قدحا) فتوري نارا بقداح النتائج والاشتغال بنور العقل الفعال بقدح زناد النظر وتركيب المعلومات بالفكر.

(فالمغيرات صبحا) أي: التي تغير ما يتعلق بها مما في ظواهرها وخارجها من الماليات، ومما في بواطنها وداخلها من هيئات صفات النفوس وآثار الأفعال وميول الشهوات واللذات ووساوس الوهم والخيال بنور صبح التجلي الإلهي وأثر الطوالع ومبادئ الوصول تركا وتجريدا.

(فأثرن به) بنور ذلك التجلي وصبح يوم القيامة الكبرى ونقع تراب البدن بإنهاكه وتلطيفه وتنحيفه بالرياضة ومنع الحظوظ لشدة التوجه إلى الحق والإقبال إليه بالعشق وانزعاج القوى في مشايعة القلب والروح عن جانب البدن واشتغالها عنه بتلقي الأنوار كما يقال: أثار عنه الغبار، أي: أفناه وأهلكه وجعله كالغبار في التلاشي.

(فوسطن به) أي: بذلك الصبح ونوره جمع عين الذات فاستغرقن فيه أي: لطفن كثافة تراب البدن حتى يصير كالنقع في اللطافة، فوسطن بذلك النقع جمع الذات فإن الوصول إنما يكون بالأبدان كمعراجه عليه السلام فإنه كان بالبدن، أي: العالمات العاملات التاركات المجردات بنور التجلي المنهكات للأبدان بالرياضة فالواصلات.

تفسير سورة العاديات من آية 6 - 11

(إن الإنسان لربه لكنود) أقسم بحرمة الشاكرين لأنعمه الواصلين إليه بتوصلها على أن الإنسان لكفور لربه باحتجابه بنعمه عنه ووقوفه معها وعدم استعماله لها فيما ينبغي ليتوصل بها إليه.