إنصاف فيما تضمنه الكشاف (جزء 4)

احمد بن محمد ابن منیر

نسخه متنی -صفحه : 95/ 13
نمايش فراداده

قوله تعالى (وأن عليه النشأة الأخرى) قال فيه (إنما قال عليه لأنها واجبة علية الخ) قال أحمد: هذا من فساد اعتقاد المعتزلة الذي يسمونه مراعاة للصلاح والحكمة، وأي فساد أعظم مما يؤدى إلى اعتقاد الإيجاب على رب الأرباب تعالى الله عن ذلك. ومثل هذه القاعدة التي عفت البراهين القاطعة رسمها وأبطلت حكمها لا يكفي فيها كلمة محتملة هي لو كانت ظاهره لوجب تنزيلها على ما يوفق بينها وبين القواطع والذي حملت عليه لفظة " عليه " غير هذا المعنى، وهو أن المراد أن أمر النشأة الأخرى يدور على قدرته عز وجل وإرادته، كما يقال دارت قضية فلان على يدي، وقول المحدثين على يدي دار الحديث: أي هو الأصل فيه والسند، والله أعلم.

القول في سورة القمر

(بسم الله الرحمن الرحيم)

قوله تعالى (كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر) قال فيه (إن قلت: ما فائدة كذبوا بعد قوله - كذبت قبلهم قوم نوح - الخ) قال أحمد: قد تقدم كلامه على قوله تعالى - وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي - وأجاب عنه بجوابين: أحدهما متعذر ههنا والآخر ممكن وهو أن ذلك كقول القائل أقدم فلان على الكفر فكفر بمحمد عليه الصلاة والسلام، وقد مضى لي جوابان: أحدهما يمكن إجراؤه هنا وحاصله منع ورود السؤال لأن الأول مطلق، والثاني مقيد فليس تكرارا وهو كقوله في هذه السورة - فتعاطى فعقر - فإن تعاطيه هو نفس عقره، ولكن ذكره من جهة عمومه ثم من ناحية خصوصه إسهابا وهو بمثابة ذكره مرتين. وجواب آخر هنا وهو أن الكذب أولا محذوف دل عليه ذكر نوح فكأنه قال: كذبت قوم نوح نوحا، ثم جاء بتكذيبهم ثانيا مضافا إلى قوله عبدنا فوصف نوحا بخصوص العبودية وأضافه إليه إضافة تشريف، فالتكذيب المخبر عنه ثانيا أبشع عليهم من المذكور أولا لتلك اللمحة. والله أعلم،