عصمة، حقیقتها، ادلتها

علي ميلاني

نسخه متنی -صفحه : 130/ 88
نمايش فراداده

كلّها واحداً.

ولو دققنا في الاَمر أكثر لرأينا أن هناك ذنباً أي معصية ، وعاصياً ، ومن قد عُصي ، فمن جهة نفس المعصية رأينا الاختلاف في الكبيرة والصغيرة ، وحدودهما. ومن جهة العاصي رأينا علو مقامه ، وحسّاسيّة ذلك المقام فعلمنا أنّه من المقربين ، وإذا سلّمنا بأنّ حسنات الاَبرار سيئات المقرّبين ، علمنا ما يُفيده ذنب المقرب سواء كان صغيراً أو كبيراً بما أنّه مقرّب ، إذ إنّ ما يُعدُّ حسنةً في مقام يُعدُّ له ذنباً وسيئة ، فكيف بالذنب والمعصية.

ومن جهة ثالثة نظرنا إلى الذي عُصِيَ فرأيناهُ عظيماً فعظُمت معصيته أيّاً كانت ، ولذا جاء في الاَثر : « لا تنظروا في صغر الذنوب ، ولكن انظروا على من اجترأتم » (1).

من هذه الجهات الثلاث نرى انّ استبعاد بل امتناع صدور المعصية من صاحب هذا المقام أقرب للقبول ، بل هو عين الواقع ، إذ حاله يختلف عن حالنا جزماً.

ومن هنا يظهر معنى قول الشيخ المفيد قدس سره : ( وإنّه ليس في الذنوب صغيرة في نفسه ، وإنّما يكون فيها بالاضافة إلى غيره ) (2).

كما أننّا لو دقّقنا النظر لرأينا أنّ النفس تسكن للذي لم تصدر منه المعصية أصلاً أكثر ممن صدرت منه ، سواء تاب عنها أم لا ، والمثل الذي

(1) كنز العمال 4 : 229|10294. ووسائل الشيعة|الحر العاملي 11 : 247|13.

(2) أوائل المقالات|الشيخ المفيد 4 : 83.