كان جعفر من سلالة تلك العائلة الكريمة في خصالها ، الرفيعة في شرفها ، المتميزة في سيادتها وزعامتها ورجالها ، فهم سادة قريش بل سادة الدنيا على الإطلاق ، هذه العشيرة التي ضمّت أكرم خلق الله محمداً وآله الطاهرين . .
فأبوه : شيبة الحمد ، شيبة بني هاشم أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي . . . واسمه عبد مناف ، وقد كني بأكبر أولاده (طالب) ، وقد كان الكافل الحامي المدافع عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، الذي أحاط رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعناية عظيمة قلّ مثيلها ، خاصة إذا نظرنا إلى مكانته في مجتمع قريش وبين زعمائها وما يسببه ذلك الدفاع من إحراج أمامهم .
وكانت هذه الحماية من الأهميّة لرسول الله ولدعوته إلى الدرجة التي لم تطمع قريش في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكانت كاعةً عنه حتى توفي عمّه أبو طالب ، ولم يهاجر إلى المدينة إلاّ بعد وفاته رضوان الله عليه .
وأمّه : كانت أم جعفر الطيار من تلك النساء القلة الطاهرات اللاّئي امتازت حياتهن بمواقف جليلة في مسيرة الأنبياء .
وهي إحدى تلك النساء اللواتي نلن ذكراً جميلا على لسان خاتم الرسل محمد (صلى الله عليه وآله) . تقول الرواية : لما ماتت فاطمة بنت أسد أمّ عليّ ـ وكانت قد أوصت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وقَبل وصيتها ـ ألبسها النبي (صلى الله عليه وآله) قميصه واضطجع معها في قبرها ، فقالوا : ما رأيناك يا رسول الله صنعت هذا!
فقال : «إنّه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبرَّ بي منها ، إنّما ألبستها قميصي لتكسى من حُلَلِ الجنّة ، واضطجعت معها ليُهوَّن عليها» .
وفي دعاء خاص لها قال : اللهم اغفر لأمّي فاطمة بنت أسد ، ولقنها حجّتها ، ووسع عليها مدخلها . وخرج من قبرها وعيناه تذرفان .
لقد كانت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بمنزلة الأم بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، فقد ربته في حجرها وكان شاكراً لبرّها ، وكان يسميها ويناديها بـ أمّي ، وقد كانت تفضله على جميع أولادها في البر والرعاية ، تقول بعض الروايات : كان أولادها يصبحون شعثاً رمصاً ويصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله) كحيلا دهيناً .
أمّا إيمانها فهي بدرجة عظيمة ، وقد سبقت إلى الإسلام ، وكانت من المهاجرات الأول إلى المدينة ، وهي بدرية .
فذاك أبوه وهذه أمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، وهي أول هاشمية تزوّجت من هاشمي ، فهو وليد هذه الأسرة المباركة .
أمّا لقبه : فكان يلقب بجعفر الطيار كما لقبه رسول الله بـ (ذي الجناحين) .
أمّا كنيته : فقد كناه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بـ (أبي المساكين) وله كنية أخرى (أبو عبدالله) .