الشرح: قوله عليه السلام: شقوا امواج الفتن بسفن النجاه الى اخره.
ج روى انه لما تم فى سقيفه بنى ساعده لابى بكر امر البيعه اراد ابوسفيان ابن حرب ان يوقع الحرب بين المسلمين ليقتل بعضهم بعضا، فيكون فى ذلك دمار الدين و اندراسه،.
فمشى الى عباس بن عبدالمطلب فقال له يا اباالفضل: ان هولاء القوم قد ذهبوا بهذا الامر من بنى هاشم، و جعلوه فى رذل تيم و انه ليحكم فينا غدا هذا الفظ الغليظ من بنى عدى قم بنا حتى ندخل على على و نبايعه بالخلافه، فانت عم رسول الله و انا رجل مقبول القول فى قريش، فان دافعونا، عن ذلك قاتلناهم قتلا شديدا و قتلناهم الى آخرهم.
فاتيا اميرالمومنين عليه السلام، و قال له ابوسفيان يا اباالحسن لاتغافل عن هذا الامر، متى كنا تبعا لتيم الارذال، و كان على عليه السلام يعلم انه لا يقول ذلك غضبا لدين الله، فان رسول الله صلى الله عليه و آله كان قد شافهه بجميع ما يكون بعده بوحى من الله، و امره بلزوم البيت و السكوت، لفقد، الانصار، و احتراز من ازدياد الفساد.
فاجابه عليه السلام بهذا الكلام فسفن النجاه: هم اهل البيت لقول النبى صلى الله عليه و آله: مثل اهل بيتى مثل سفينه نوح، من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق.
عرجت الشى ء: عطفته، و على هذا فمفعول عرجوا محذوف اى عرجوا انفسكم، و قيل: التعريج على الشى ء الاقامه عليه فتقديره على هذا عرجوا على الاستقامه منصرفين عن المنافره و هى المحاكمه فى الحسب.
افلح من نهض بجناح،.
ورد مورد المثل عرض فيه بانه لا ناصر له استسلم: اى انقاد ماء آجن: اى متغير منتن اراد به الدنيا، و زخارفها البائده و نعيمها الفانيه، و ايناع الثمر: ادراكها.
اللتيا و التى: اى الداهيه الكبرى، و الصغرى، و انس: اسر و اندمج: دخل، و استتر، و بحت به: اظهرته و الرشاء: الحبل و الطوى: البئر المطويه بالحجاره.
ع: افلح من نهض بجناح،.
يعنى خاض فى امر هو يستعد له، و ان لم يكن مستعدا اسلم الامر الى غيره لينجو عن تعب الطلب.
ماء آجن: استعاره عن امر غير ملائم.
و لقمه يغص بها اكلها: استعاره عمن يخوض فى امر لا ينتفع به، و من زرع بارض غيره فلغيره ان يمنعه من سقى زرعه، و عن حصاده و عن التصرف فيه فلابد من التفكر فى العواقب من كل الامور، اللتيا و التى هما الداهيه الكبيره و الصغيره.
و كنى عن الكبيره بلفظ التصغير تشبيها بالحيه فانها اذا كثر سمها صغرت لان السم ياكل جسدها، و قيل، الاصل فيه ان رجلا من جديس: تزوج امراه قصيره فقاسى منها ال شدايد و كان يعير عنها بالتصغير فتزوج امراه طويله فقاسى منها ضعف ما قاسى من الصغيره فطلقها و قال: بعد اللتيا و التى، لا اتزوج ابدا فجرى ذلك على الداهيه، و قيل ان العرب تصغر الشى ء العظيم كالدهيم، و اللميم و ذلك منهم رمز و قال شاعر من جديس: بعد اللتيا و التى طلقت جهلا طلتى و الانس بالموت من مقامات خلص الاولياء فان السعيد به يفتح به باب سعادته كما ان الطفل من الثدى يصل الى غايه امنيته.
اندمجت: روى بالخاء و الجيم اما بالخاء فمن الدموخ و هو الارتفاع و الاستيلاء، و دمخ اسم جبل و اما بالجيم فمن الدموج و هو الدخول و الاستتار فى الشى ء و من تامل قوله عليه السلام.
بل اندمجت على مكنون علم و قوله و لا لفيتم دنياكم هذه اهون عندى من عطفه عنز.
حق التامل، و كان ممن يحصل ذوق الكلام عرف انه لا يمكن التلفظ بمثل ذلك الا لمن بلغ اقصى الغايه فى العلم، و الزهد، و كل الكمالات يندرج تحت هاتين الخصلتين اندمج فى الشى ء اى دخل فيه و استتر به، فكانه قال: اندمجت فى مظان العلم على مكنونه، و يمكن اين يكون ضمن اندمج معنى استولى فعداه بعلى.