شرح نهج البلاغه

ابن میثم بحرانی

نسخه متنی -صفحه : 542/ 22
نمايش فراداده

الحجر الاسود يمين الله فى الارض يصافح بها خلقه كما يصافح الرجل اخاه، و لما قبله عمر قال، انى لاعلم انك حجر لاتضر و لاتنفع و لولا انى رايت رسول الله صلى الله عليه و آله يقبلك لما قبلتك فقال له على عليه السلام مه يا عمر بل يضر و ينفع فان الله سبحانه لما اخذ الميثاق على بنى آدم حيث يقول و اذ اخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم و اشهدهم على انفسهم الايه القمه هذا الحجر ليكون شاهدا عليهم باداء امانتهم و ذلك معنى قول الانسان عند استلامه امانتى اديتها و ميثاقى تعاهدته لتشهدلى عند ربك بالموافاه و اما التعلق باستار الكعبه و الالتصاق بالملتزم. فليستحضر فيه طلب القرب حبا لله و شوقا الى لقائه تبركا بالمماسه و رجاء للتحصن من النار فى كل جزء من البيت و لتكن النيه فى التعلق بالستر الالحاح فى طلب الراحه (الرحمه) و توجيه الذهن الى الواحد الحق، و سوال الامان من عذابه كالمذنب المتعلق باذيال من عصاه المتضرع اليه فى عفوه عنه المعترف له بانه لا ملجاء الا اليه و لا مفزع له الا عفوه و كرمه، و انه لايفارق ذيله الا بالعفو و بذل الطاعه فى المستقبل، و اما السعى بين الصفا و المروه فى فناء بيت فمثال لتردد العبد بفناء دار الملك جائيا و ذاهبا مره بعد اخرى اظهارا للخلوص فى الخدمه و رجاء لملاحظته بعين الرحمه كالذى دخل على الملك و خرج و هو لايدرى ما الذى يقضى الملك فى حقه من قبول اورد فيكون تردده رجاء ان يرحمه فى الثانيه ان لم يكن رحمه فى الاولى، و ليتذكر عند تردده بين الصفا و المروه تردده بين كفتى الميزان فى عرصه القيامه و ليمثل الصفا بك فه الحسنات و المروه بكفه السيئات و ليتذكر تردده بين الكفتين ملاحظا للرجحان و النقصان مترددا بين العذاب و الغفران، و اما الوقوف بعرفه. فليتذكر بما يرى من ازدحام الناس و ارتفاع الاصوات و اختلاف اللغات و اتباع الفرق ائمتهم فى الترددات على المشاعر اقتفاء لهم و سيرا بسيرتهم عرصات القيامه و اجتماع الامم مع الانبياء و الائمه و اقتفاء كل امه اثر نبيها و طمعهم فى شفاعتهم و تجرهم فى ذلك الصعيد الواحد بين الرد و القبول، و اذا تذكر ذلك فليزم قلبه الضراعه و الابتهال الى الله ان يحشره فى زمره الفائزين المرحومين، و لكن رجاوه اغلب فان الموقف شريف و الرحمه انما تصل من حضره الجلال الى كافه الخلائق بواسطه النفوس الكامله من اوتاد الارض و لايخلو الموقف عن طائفه من الابدال و الاوتاد و طوائف من الصالحين و ارباب القلوب فان اجتمعت همهم و تجردت للضراعه نفوسهم، و ارتفعت الى الله ايديهم و امتدت اليه اعناقهم يرمقون بابصارهم جهه الرحمه طالبين لها فلاتظنن انه يخيب سعيهم من رحمه تغمرهم و يلوح لك من اجتماعهم الامم بعرفات و الاستظهار بمجاوره الابدال و الاوتاد المجتمعين من اقطار البلاد و هو السر ااعظم من الحج و مقاصده فلا طريق الى استنزال رحم ه الله و استدرارها اعظم من اجتماع الهمم و تعاون القلوب فى وقت واحد على صعيد واحد، و اما رمى الجمار. فليقصد به الانقياد لامر الله و اظهار الرق و العبوديه ثم ليقصد به التشبه بابراهيم عليه السلام حيث عرض له ابليس فى ذلك الموضع ليدخل على حجه شبهه او يفتنه بمعصيه فامره الله تعالى ان يرميه بالحجاره طرد اله و قطعا لامله فان خطر له ان الشيطان عرض لابراهيم عليه السلام و لم يعرض له فليعلم ان هذا الخاطر من الشيطان و هو الذى القاه على قلبه ليخيل اليه انه لافائده فى الرمى، و انه يشبه اللعب و ليطرده عن نفسه بالجد و التشمير فى الرمى فيه يرغم فيه برغم انف الشيطان فانه و ان كان فى الظاهر ريا للعقبه بالحصى فهو فى الحقيقه رمى لوجه ابليس و قصم لظهره اذ لايحصل ارغام انفه الا بامتثال امر الله تعظيما لمجرد الامر، و اما ذبح الهدى. فليعلم انه تقرب الى الله تعالى بحكم الامتثال فليكمل الهدى و اجزاه و ليرج ان بعتق الله بكل جزء منه جزءا من النار. هكذا ورد الوعد فكلما كان الهدى اكثر و اوفر كان الفداء به من النار اتم و اعم و هو يشبه التقرب الى الملك بالذبح له و اتمام الضيافه و القرى و الغايه منه تذكر المعبود الاول سبحانه عند النيه فى الذبح و اعتقاد انه متقرب به باجزائه الى الله فهذه هى الاشاره الى اسرار الحج و اعماله الباطنه. اذا عرفت ذلك فلنرجع الى المتن. قوله و فرض عليكم حج بيته الحرام اشاره. الى وجوب الحج على الخلق و هو معلوم بالضروره من الدين و وصفه بالحرام لانه يحرم على الخلق ان يفعلوا فيه ما لاينبغى من مناهى الشرع، و قوله الذى جعله قبله للانام مستنده قوله تعالى فلنولينك قبله ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام و حيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره و قوله يردونه ورود الانعام مبالغه فى تشبيه ورود الخلق البيت بورود الانعام، و وجه الشبه ان الخلق يردون البيت بازدحام عن حرص و شوق اليه كحال الانعام عند ورودها الماء، و قيل:

ان وجه الشبه هو ما بيناه من عدم اطلاع الخلق على اسرار الحج و على ما يشتمل عليه المناسك من الحكمه الالهيه، و لما كان العقل الذى به تميز الانسان عن الانعام و سائر الحيوان معزولا عن ادراك هذه الاسرار كاد ان لايكون بين الانسان و بين مركوبه فرق فى الورود الى البيت و سائر المناسك و فيه بعد، و قوله و يالهون اليه ولوه الحمام اشاره الى شوق الخلق فى كل عام الى ورود البيت كما يشتاق اليه الحمام الذى يسكنه، و قد راعى عليه السلام فى هذه القرائن ال اربع السجع. قوله جعله علامه لتواضعهم لعظمته و اذعانهم لعزته اشاره الى ما ذكرنا من ان العقل لما لم يكن ليهتدى الى اسرار هذه الاعمال لم يكن الباعث عليها الا الامر المجرد و قصد امتثاله من حيث هو واجب الاتباع فقط، و فيه كمال الرق و خلوص الانقياد فمن فعل ما امر به من اعمال كذلك فهو المخلص الذى ظهرت عليه علامه المخلصين و المذعن المتواضع لجلال رب العالمين، و لما كان الحق سبحانه عالم الغيب و الشهاده لم يكن ان يقال ان تلك العلامه مما يستفيد بها علما باحوال عبيده من طاعتهم و معصيتهم فاذن يتعين ان يكون معناها راجعا الى ما به تتميز النفوس الكلمه التى انقادت لاوامر الله و اخلصت له العباده عما عداها فان هذه العباده من اشرف ما استعدت به النفس الانسانيه و افادتها كمالا تميزت به عن ابناء نوعها فهى اذن علامه بها تميز من اتسم بها عن غيره، و قوله و اختار من خلقه سماعا اجابوا اليه دعوته. اشاره الى الحاج فى قوله تعالى و اذن فى الناس بالحج ياتوك رجالا و على كل ضامر ياتين من كل فج عميق و فى الاثار ان ابراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء البيت جائه جبرئيل عليه السلام فامره ان يوذن الناس بالحج فقال ابراهيم عليه السلام:

يارب و ما يبلغ ص وتى قال الله اذن و على البلاغ فعلا ابراهيم عليه السلام المقام و اشرف به حتى صاركا طول الجبال و اقبل بوجهه يمينا و شمالا و شرقا و غربا و نادى يا ايها الناس كتب عليكم الحج الى البيت العتيق فاجيبوا ربكم فاجابه من كان فى اصلاب الرجال و ارحام النساء لبيك اللهم لبيك، و فى الاثر اشارات لطيفه فانه يحتمل ان يراد بقول ابراهيم و ما يبلغ صوتى اشاره الى حكم الوهم الانسانى باستبعاد عموم هذه الدعوه و انقياد الخلق لها و قصور الطبع عن ذلك، و بقول الحق سبحانه و على البلاغ الاشاره الى تاييد الله سبحانه بما اوحى اليه من اعلم يبسط دعوته و ابلاغها الى من علم بلوغها اليه، و بعلو ابراهيم المقام حتى صاركا طول الجبال، و اقباله بوجهه يمينا و شمالا و شرقا و غربا و دعوته اشاره الى اجتهاده فى التبليغ للدعوه و جذب الخلق الى هذه العباده و شرقا و غربا و دعوته اشاره الى اجتهاده فى التبليغ للدعوه و جذب الخلق الى هذه العباده بحسب امكانه و استعانته فى ذلك باولياء الله التابعين له، و اما اجابه من كان فى اصلاب الرجال و ارحام النساء له فاشاره الى ما كتبه الله سبحانه بقلم قضائه فى اللوح المحفوظ من طاعه الخلق و اجابتهم لهذه الدعوه على لسان ابراهيم ع ليه السلام و من بعده من الانبياء و هم المراد بالسماع الذين اختارهم الله سبحانه من خلقه حتى اجابوا دعوته الى بيته بحجهم اليه بعد ما اهلهم لذلك قرنا بعد قرن و امه بعد اخرى، و قوله و صدقوا كلمته اشاره الى مطابقه افعالهم لما جاءت به الانبياء من كلام الله سبحانه و عدم مخالفتهم و تكذيبهم لهم، و قوله و وقفوا مواقف الانبياء اشاره الى متابعتهم لهم ايضا فى مواقف الحج و فى ذكر الانبياء هيهنا استدراج حسن للطباع اللطيفه المتشوقه الى لقاء الله و التشبه بانبيائه عليهم السلام و ملائكته و قوله و تشبهوا بملائكته المطيفين بعرشه اشاره الى ما ذكرناه من ان البيت المعمور بازاء الكعبه فى السماء و ان طواف الخلق بهذا البيت يشبه طواف الملائكه و احداقهم بالبيت المعمور و العرش فهم متشبهون بالملائكه فى الطواف، و الغايه ان يترقى من اخذ العنايه بيده من هذا الطواف الى ان يصير من الطائفين بالعرش و البيت المعمور، و قوله يحرزون الارباح فى متجر عبادته و يبادرون عنده موعده مغفرتع شبه عليه السلام العباده بالبضاعه التى يتجربها فالتاجر هو النفس و راس المال هو العقل، و وجوه تصرفاته حركاته و سكناته الحسيه و العقليه المطلوبه منه بالاوامر الشرعيه و العق ليه و الارباح هى ثواب الله و ما اعده للمحسنين فى جنات النعيم و اقبح بمملوك يعد تصرفه فى خدمه سيده متجرا يطلب به التكسب و الربح و احسن به اذا نظر الى انه اهل العباده فحذف جميع الاعراض و الخواطر فى خدمته عن درجه الاعتبار و جعلها خالصه له لانه هو فاما كلامه عليه السلام بذكر الربح هيهنا فاستدراج حسن لطباع الخلق بما يفهمونه و يميلون اليه من حب الارباح فى الحركات ليشتاقوا فيعبدوا، و قوله و جعله للاسلام علما اى علما للطريق الى الله و سلوك صراطه المستقيم، و هى الاسلام الحقيقى يهتدى عليها كما يهتدى بالعلم المرفوع للعسكر و الماره على مقاصدهم، و قوله فرض عليكم حجه و اوجب حقه و كتب عليكم وفادته الى آخره تاكيد لما سبق و ذكر للخطاب الموجب للحج و هو قوله و الله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا و بالله العصمه و التوفيق.

خطبه 002-پس از بازگشت از صفين

اقول:

صفين اسم موضع بالشام و الاستسلام الانقياد و وال فلان يئل والا و على فعول اذا لجا فنجا و منه الموئل الملجا، و الفاقه الفقر و لا فعل لها، و مصاص كل شى ء مخالصه و الذخيره الجنيئه، و الاهاويل الامور المخوفه التى يعظم اعتبار النفس لها، و عزيمه الايمان عقد القلب عليه، و المدحره محل الدحر و هو اطرد و الابعاد، و الماثور المقدم على غيره، و الماثور ايضا المنقول، الواحد سنبكه، و السهود مصدر كالجمود مرادف للسهاد و الارق و اعلم ان المراد بالحمد هيهنا الشكر، و استتماما و ما بعدها من المنصوبات منصوبات على المفعول له، و قد جعل عليه السلام لحمده هيهنا غايتين، الاولى منهما الاستتمام لنعمه الله و ذلك لان العبد يستعد بمزيد الشكر لمزيد النعمه و هو فى ذلك ناظر الى قوله تعالى و لئن شكرتم لازيدنكم لما يشتمل عليه الايه من البعث على رجاء المزيد، و الثانيه الاستسلام لعزته فان العبد ايضا يستعد بكمال الشكر لمعرفه المشكور و هو الله سبحانه و هى مستلزمه للانقياد لعزته و الخشوع لعظمته و هو فى ذلك ناظر الى قوله و لئن كفرتم ان عذابى لشديد لما يشتمل عليه الايه من التخويف المانع من مقابله نعم الله تعالى بالكفر، ثم لما كان ال استعداد لتمام النعم و التاهل لكمال الخضوع و الانقياد لعزه الله سبحانه انما يتم بعد ان يكون العنايه الالهيه آخذه بضبعى العبد و جاذبه له عن ورطات المعاصى مبعده له عن اسباب التورط فيها بكفايه المون و الاسباب الداعيه الى ارتكاب احد طرفى الافراط و التفريط جعل عليه السلام للحمد غايه اخرى هى الوسيله الى الغايتين المذكورتين و هى الاستعصام بالله سبحانه من معصيته، و عقب ذلك الشكر بطلب المعونه منه على تمام الاستعداد لما سال و شكر لاجله، و جعل لتلك الاستعانه عله حامله و هى الفاقه نحو غايه هى كفايه دواعى التفريط و الافراط بالجذبات الالهيه و لا شك ان الغايتين المذكورتين لايتم بدون عصمته و المعونه بكفايته و ذلك قوله و استعصاما من معصيته و استعينه فاقه الى كفايته. قوله ان لايضل من هداه و لايئل من عاداه و لايفتقر من كفاه تعليل لطلبه المعونه على تحصيل الكفايه فانه لما كان حصول الكفايه مانعا من دواعى طرفى التفريط و الافراط كان العبد مستقيم الحركات على سواء الصراط و ذلك هدى الله يهدى به من يشاء فكانه قال: