امر بالتقوى لانها الزاد الى الله، و لما كان الاستكثار منها مستلزما للقرب من الله و سرعه الوصول اليه كان الاولى كثرتها و الا فالبعض منها و ان قل لان لها الاقليه و الاكثريه و الاشديه و الاضعفيه و لا يجوز ترك الزاد بالكليه فى الطريق الصعبه الطويله. و استعار لفظ الستر لحدود الله الساتره من عذابه و امر ان يجعلها بينه و بين الله:
اى يحفظ حدوده و لا يهتكها فيقع فى مهاوى الهلاك فغلظ الستر شده المحافظه على حدود الله و عدم استيفاء المباحات لخوف الوقوع فى الحرام و رقته باستيفاء الامور الجايزه من المباحات و المكروهات.
اى اذا سئل عن مساله فاجاب جماعه كل بما يخطر له فى المسئله او شخص بعده من الاجوبه خفى الصواب فيها لالتباس الحق من تلك الاجوبه و اكثر ما يكون ذلك فى المسائل الاجتهاديه. و ازدحامه:
كثرته.
حق الله فى النعمه شكرها الواجب، و اما استلزام ادائه للمزيد منها و كون التقصير مظنه زوالها فلقوله تعالى (لئن شكرتم لازيدنكم) الايه. و رغب فى الشكر و نفر عن الكفران بذكر كون ذلك حقا لله. و قد مر بيانه مرارا.
لان قليل القدره على ما يشتهيه لا يزال مستشعر لخوف فواته عند حصوله. فيكون ذلك الخوف معاقبا للذته به فلا يزال فى قلبه دغدغه نفسانيه تحمله على مشتهاه و تبعث شهوته عليه. اما اذا تمت قدرته عليه فانه يامن فوته و بحسب ذلك يضعف الباعث للشهوه فيقل لجاجه عليه و شهوته له.
استعار لفظ النفار و الشرود لزوال النعم ملاحظه لشبهها بالنعم. و حذر منه حثا على تقييدها بالشكر، و نبه على وجوب ذلك الحذر بقوله:
فما كل. الى آخره. و هو صغرى ضمير تقديرها:
الشارد جاز ان لا يرد، و تقدير كبراه:
و كلما جاز ان لا يرد لم يجز تنفيره.
اى اشد عطفا. و يفهم منه احد معنيين:
الاول:
ان الكريم بكرمه اعطف على المنعم عليه من ذى الرحم على ذى رحمه لان عاطفه الكريم طبع و عاطفه ذى الرحم قد يكون تكلفا و قد لا يكون اصلا. الثانى:
ان الكرم يستلزم عاطفه الخلق على الكريم و محبتهم له اشد من عاطفه ذى الرحم على رحمه.
اى افعل ما ظنه فيك من خير، و تصديق الظن مطابقه الواقع الذى ظن وقوعه له بوقوعه. و ذلك حث على فعل الخير.
اراد من الاعمال الصالحه. و افضلها انفعها و اكثرها استلزاما للثواب. و انما كان كذلك لان فائده الاعمال الصالحه تطويع النفس الاماره للنفس المطمئنه و رياضتها بحيث تصير موتمره للعقل و اكراه النفس على الامر يكون لشدته فكلما كان اشد كان اقوى فى رياضتها و انفع فى تطويعها و كسرها و بحسب ذلك يكون اكثر منفعه فكان افضل، و نحوه من الحديث صلى الله و عليه و آله:
افضل الاعمال احمزها بالزاى المعجمه:
اى اشقها.
اراد معرفه وجوده تعالى. و وجه الاستدلال ان الانسان قد يعزم على امر و يعقد ضميره على فعله بحسب ما يتصوره من المنفعه الداعيه اليه. ثم عن قريب ينحل ذلك العزم و ينفسخ ذلك العقد لزوال ذلك الداعى او لخاطر معارض له.اذا عرفت ذلك فنقول:
تلك التغيرات و الخواطر المتعاقبه المرجحه لفعل الامر المعزوم عليه امور ممكنه محتاجه فى طرفى وجودها و عدمها الى المرجح و الموثر. فمرجحها ان كان من العبد كان الكلام فيه كالكلام فى الاول و لزم الدور او التسلسل و هما محالان فلابد من الانتهاء الى الله تعالى مقلب القلوب و الابصار. و ذلك هو المطلوب.
اى مستلزمه لها. استعار لفظى الحلاوه و المراره للذه و الالم، و ظاهر ان آلام الدنيا اللازمه عن ترك لذاتها و عدم الالتذاذ و بها طلبا للاخره و شوقا الى ثوابها مستلزمه لحلاوه الاخره و لذاتها، و كذلك الابتهاج للذات الدنيا يستلزم الغفله عن الاخره و ترك العمل لها و ذلك مستلزم لعذابها و مستعقب لشقاوتها.