و فى هذا الفصل لطايف. لما قام البرهان على ان ما علم الله تعالى وجوده فهو واجب الوقوع و ما علم عدمه فهو ممتنع الوقوع لا جرم لم يكن لكل من القوى و الضعيف من الرزق و نحوه الا ما علم الله تعالى وصوله اليه بقلم القضاء الالهى فى الذكر الحكيم و اللوح المحفوظ و لم يبلغ عظيم الحيله قوى المكيده بحيلته اكثر مما سمى له، و لا قصر الضعيف بضعفه عن بلوغ ما سمى له. و لاجل ثبوت ذلك بالبرهان امرهم بتيقنه. و رغبهم فى علمه و العلم به بضمير صغراه قوله:
و العارف. الى قوله:
فى منفعه. اما راحته فلعلمه ان ما كتب له لابد ان يصل اليه فيترك لذلك شده الاهتمام به و الكدح له، و لما كانت راحته قلبيه و بدنيه كانت اعظم الراحات، و لما كانت مع منفعه بما يصل اليه تاكد شرفها. و كذلك نفر عن الشك فى ذلك و ترك العمل به بقوله:
و التارك لهذا الشاك فيه. الى آخره. و هو ضمير تقدير كبراه:
و كل ما من كان كذلك فلا ينبغى له الشك فيه و تركه، و انما كان اعظم الناس شغلا لانه شغل قلبه و بدنه فيما لا فايده فيه فيلزمه مضره خالصه. فان قلت:
فهذا ينافى الامر بالدعاء و بالسعى فى طلب الرزق كقوله تعالى (فانتشروا فى الارض و ابتغوا من فضل الله) و نحوه. قلت:
ق د بينا انه لا ينافى، و ذكرنا سر الدعا و فايدته. حاصله انه قد يكون الدعا سببا لوجود الرزق فيعلم الله تعالى وجوده بواسطه سببه و لا تنافى بينهما. الثانيه:
نبه اهل النعمه و الغنى و اهل الابتلاء على وجوب شكر الله تعالى على حاليهما اما اهل النعمه فنبههم بان نعمتهم قد يكون استدارجا لهم ليشكرو الله عليها كيلا يستدرجهم بها، و اما اهل البلوى فنبههم بان بلواهم قد يكون صنعا من الله فى حقهم ليعدهم بها لثوابه الجزيل فيجب عليهم شكر ذلك الصنع. و المقدمتان صغريا ضميرين تقدير الاولى منهما:
بعض المنعم عليه مستدرج بالنعمى. و تقدير الكبرى:
و كل مستدرج بالنعمى يجب عليه ان يحترز بشكر نعمه الله عليه من الاستدراج بها، و كذلك تقدير الثانيه:
و بعض المبتلى مصنوع له بالبلوى. و تقدير الكبرى:
و كل مصنوع اليه فيجب عليه شكر صنع الله فى حقه. و لذلك امر المستمعين مطاقا بزياده الشكر مع ان فيهم المنعم عليهم و المبتلى، ثم امر بالتقصير عن العجله فى طلب الرزق و الوقوف دون حد الافراط على حد العدل.
نهاههم ان يجعلوا علمهم بما اهم علمهم بما اهم علمه من احوال الاخره جهلا:
اى فى قوه الجهل، و يقينهم شكا:
اى فى قوه الشك و بمنزلته لتركهم العمل على وفق ما علموه و تيقنوه. و لذل امرهم بالعمل على وفق علمهم و الاقدام عليه على وفق يقينهم.
نفر عن الطمع فى الدنيا و الحرص فى طلبها و تمنيها و اقتنائها بوجوه:
الاول:
ضمير صغراه قوله:
ان الطمع. الى قوله:
و فى:
اى يوزد الطامع موارد الهلكه و لا يصدره عنها. و استعار له لفظ الضامن غير الوفى باعتبار انه يرغب فى الطلب و يدعو اليه مع انه قد يكون كاذبا كمن يضمن شيئا و يخلف فيه، و تقدير كبراه:
و كلما كان كذلك فلا ينبغى ان يتبع و يوثق به. الثانى:
قوله:
و ربما. الى قوله:
ريه. و هو تنبيه على انه لا يجوز الاسترسال فى طلب الدنيا بضمير كنى عن صغراه بذلك، و تقديرها:
ان المسترسل فى طلبها قد يخترم و يقتطع دون بلوغ امله فيها. و تقدير الكبرى:
و كل من كان كذلك فلا ينبغى له الاسترسال فى طلبها. الثالث:
نفر عن المنافسه فيما عظم قدره من متاعها بضمير صغراه قوله:
و كلما. الى قوله:
لفقده. و الرزيه:
المصيبه. و تقدير الكبرى:
و كلما عظمت الرزيه لفقده فلا ينبغى اقتناوه. اذ كان من ضرورته فقده و فناوه. الرابع:
نفر عن الامانى بضمير صغراه قوله:
و الامانى تعمى اعين البصائر و ذلك انها تشغل الكفر بما لا يعنى عن طلب ما يعنى من الكمالات العقليه. و استعار لفظ الاعين للافكار باعتبار ادراكهما. و تقدير الكبرى:
و كلما كان كذلك وجب اجتنابه. الخامس:
نبه على ترك طلب الحظ من الدنيا بقوله:
و الحظ ياتى من لا ياتيه:
اى الحظ لمن كان له حظ يصل اليه و ان لم يسع فى طلبه، و هو فى قوه صغرى ضمير، و تقدير كبراه:
و كلما كان كذلك فلا حاجه الى طلبه و اتيانه.