قوله: فى خطبه اخرى: الا و ان الله قد كشف الحق كشفه، لا انه جهل ما اخفوه، قيل هذا بيان لحقيقه التكليف، و قد سمى الله التكليف فى القرآن اختيارا و امتحانا و ابتلاء و فتنه، كما قال الله، تعالى: و لنبلونكم حتى نعلم المجاهدين.
و قال: ليعلم الله من يخافه بالغيب، و قوله: و لما يعلم الله الذين جاهدوا منكم و يعلم الصابرين.
و الظاهر من هذه الايات على (ما) ظنه الجهال ان التكليف انما صدر عن الله، تعالى، ليعلم الله ما لم يكن عالما قبل التكليف بكل معلوم الا ترى ان التكليف امر و نهى و كلاهما يتعلقان بافعال مخصوصه و مقدارات متميزه، لانه لا يامر بفعل مطلق و لا ينهى عن فعل مطلق، انما يامر بما اختص بوجه و ينهى عما اختص بوجه مخصوص.
فدل على انه، تعالى، عالم بافراد المقدورات، حتى يامر منها ببعضها الذى اختص بفصه و تميز بوجه.
و انما التكليف كاشف عما علمه الله، تعالى، من احوال العباد، و انهم يفعلون كذا، فيستحقون كذا.
فكما يعلم ان زيدا يومن اذا كلف، و عمروا يكفر اذا كلف، فكذلك يعلم نفس افعالهم على صفاته، فيامر ببعضها و ينهى عن بعضها، و يعلم ما يوجد من افعالهم، و ما يبقى على العدم.
و انما يظهر لنا احوالنا فى الطاعه و المعص يه و افعال بعضنا لبعض بالتكليف.
فاذا ورد التكليف، ظهر لنا احوالنا المستوره بتكليف الله، تعالى، فصارا التكليف كاشفا عنا و عن احوالنا.
لذلك قال، عليه السلام: الا و ان الله قد كشف الخلق كشفه لا انه جهل ما اخفوه، بل الله، تعالى، هو الكاشف لنا من انفسنا فالتكليف كشف، و المكشوف له هو الخلق كلهم.
فاما الله، تعالى، فمنزه عن ان يخفى عليه معدوم او موجود، تعالى عن ذلك علوا كثيرا.
قوله: بواء، فى كتاب الغريبين البواء (116 ر) اللزوم، يقال اباء الامام فلانا بفلان، اى الزمه دمه، و قتله به، و فلان بواء لفلان، اذا قتل به.
و فى الصحاح كلمنا هم فاجابونا عن بواء واحد، اى اجابونا جوابا واحدا.
و هو كقوله تعالى: و بواه الله منزلا، اى الزمه اياه و اسكنه اياه.
و البواء المنزل الملزوم.
و فى الحديث الجراحات بواء، يعنى انها متساويه فى القصاص، و انه لا يقتص للمجروح الا من جارحه الجانى عليه، و لا يوخذ بمثل جراحته سواء، فكذلك البواء.
قوله: و بسا به، يقال بسات بالرجل و بسيت به بساء و بسوا، اذا استانست به.