شرح نهج البلاغه

علی بن زید بیهقی فرید خراسانی

نسخه متنی -صفحه : 365/ 184
نمايش فراداده

خطبه 155-خطاب به مردم بصره

و من كلام له خاطب به اهل البصره، كمرجل القين، يسمى كل محترف قينا.

قال الشاعر: ولى كبد مجروحه قد بدابها صدوع الهوى لو كان قين يقينها و فى كتاب الصحاح: قنت الشى ء اقينه قينا لممته، و استشهد بهذا البيت.

فمن ذهب الى ان القين هو المحترف، اراد به بوطقه الصانع و مرجل الصناع.

و من ذهب الى ان القين هو الحداد فحسب، اراد به الحفره التى يذاب فيها الحديد.

قوله فبالايمان يستدل على الصالحات، و بالصالحات يستدل على الايمان، يعنى اذا عرف انه مصدق بالله و الرسول معترف باركان الاسلام، و حب حسن الظن به، و انه يقوم بما يقتضيه الايمان.

و اذا عرف منه سداد الطريقه من الاعمال الصالحه، وجب حسن الظن به ان مومن بالله و الرسول، لان كل واحد من الطرفين موجب للطرف الاخر.

قوله: و بالايمان يعمر العلم، قيل: انما يقوم (127 پ) بتفصيل العلوم فى الدين، من كان عالما بالجمل.

و من جهل الجمله، فهو من التفصيل ابعد.

و بيان ذلك ان العباده سبب للسعاده الكبرى.

و مرجع العباده الى المعرفه و الايمان.

فان محبه الله لا يغلب على القلب الا بعد المعرفه و الايمان.

فالمعرفه سبب المحبه، و المحبه سبب كثره الذكر، كما قال النبى، عليه السلام: من احب شيا اكثر ذكره، و الذكر الكثير سبب للعباده الظاهره.

فان الالتذاد بذكر الله لا يحصل الا بانقطاع علايق الشهوات.

و ذلك الانقطاع لا يتيسر الا بالاجتناب عن المعاصى.

لذلك قال اميرالمومنين: بالايمان يستدل على الصالحات، و بالصالحات يستدل على الايمان، و بالايمان يعمر العلم.

قال رسول الله، صلى الله عليه و آله: طلب العلم فريضه على كل مسلم.

فقال المتكلم: هو علم الاصول و معرفه الله تعالى.

و قال الفقيه: هو علم الشريعه.

و قال المحدث: هو علم الكتاب و السنه.

و قالت المتصوفه هو علم احوال القلب.

و كل واحد منهم يعظم علمه و صناعته.

اما بعض الخواص، فذكر ان هذا العلم علمان: علم يتعلق بالاحوال، اى باحوال القلب، و لم يتعلق بالاعتقاد، فالذى يتعلق باحوال القلب معرفه المنجيات و المهلكات، مثل الكبر و الحسد و الرياء و العجب.

و غير ذلك.

و ذلك فرض الاعيان.

فالعلم بذلك و العلم بما ينفى ذلك واجب على كافه العقلاء.

فان هذا مرض عام، و لا يعالج صاحبه الا بالعلم.

اما العلم بصحه البيع و عقد السلم و الرهن و غير ذلك ففرض على الكفايه، الا على من كان مشغولا بواحد من هذه العقود، و ربما لا يحتاج اكثر الناس الى ذلك، و لكن لا يستغنى الناس عن احوال القلب.

و الذى يتعلق بالاعتقاد فهو ازاله الشك الطارى على الاعتقاد.

فقول النبى، عليه السلام: طلب العلم فريضه على كل مسلم، و قول اميرالمومنين، عليه السلام: بالايمان (128 ر) يعمر العلم، يدلان على ان طلب العلم واجب على كل مومن، و لا يستغنى عنه واحد من المومنين.

و لكن مع تفاوت الطلاب و تفاوت العلوم، فيحتاج كل مومن الى علم، لا يتم و لا يقبل منه عمله الا بذلك العلم.