شرح خطبه اخرى له: الحمد لله الذى لا توارى عنه سماء سماء و الارض ارضا.
العرب يسمى كل ماعلا و ارتفع سماء، و كل ما سفل ارضا.
و فى حديث ام معبد فى صفه النبى عليه السلام، اذا تكلم سماه البهاء، اى علاه.
و المعنى ان الله، تعالى، لا يرى باله و ليس، تعالى، بجسم، و لذلك لا يحتاج الى آله، فيدرك كل مدرك، لكونه حيا لا آفه به.
و السواتر و الحواجب انما يعترض دون الاجسام.
فلذلك قال لا يحجب عنه سماء سماء و لا ارض ارضا.
و قيل: المراد بذلك، ان علم الله، تعالى، ليس بمتغير زمانى فيصرفه معلوم عن معلوم، و لا قدرته على وجه يشغله مقدور عن مقدور.
قوله: ثم قالوا: الا ان فى الحق ان تاخذه و فى الحق ان تتركه، المعنى (كما قال الامام الوبرى) انهم غلطوا فى هذا القول، لان الحقوق لا يقاس بعضها على بعض فى الاعفاء و الايفاء، لان من الحقوق ما يجب ايفائه، و منها ما لا يجب، و منها ما يندب الى استيفائه و منها مايندب الى تركه.
فالامامه ليست من النوع الذى يحسن تركه و اعفائه، و انما هو حق على من يستحقه و يصلح له، و ليس بحق له (140 پ) دون حق الشرع و حقوق المسلمين.
و الحق اذا كان على الانسان، فحكمه مجانب للحق اذا كان له.
و اذا كان كذلك، فحق المال اذا كان له على غيره، و احتاج اليه، ليس له تركه و اعفائه، بل يجف استيفائه.
فحق الامامه اذا كان عليه ان ينتصب لها و يدعيها، و اذا عقدت له، حرم عليه (ردها) من هذه الوجوه و غيرها.
هذا اذا كان فى عصره من يكون مستحقا لها من اضرابه، غير ان الصلاح تعين فى واحد.
فالوجوب يتعين عليه.
و اما اذا انفرد بالاستحقاق، دون ساير اهل زمانه، فالوجوب فيه اظهر على وجه التعيين و التضييق.
فذلك كان قول الناس له: ان فى الحق ان تاخذه، و فى الحق ان يتركه، قولا فاسدا.
هذا قول الامام الوبرى.
و قال بعض الناس: الامامه تبع للنبوه، فليس للنبى ان يسقط حق نبوته، فكذلك الامام.
و قال ايضا بعض المتكلمين: الامامه مشتركه بعضها للرعايا على الامام و بعضها للامام على الرعيه، فليس للامام ان يسقط تلك الحقوق.
قوله: قدموا على عاملى بها، هو عثمن بن حنيف صاحب رسول الله، اخذه اصحاب الجمل بعد محاربه جرت بينهما بالمربد.
قوله: قتلوا (طائفه) صبرا، اى بلا رويه و مهله، ماخوذ من قول العرب: اشتريت الشى ء صبره اى بلا كيل و لا وزن.
و فى كتاب اصحاب اللغه: قتل فلان صبرا، اذا حبس على القتل حتى يقتل، و حلف صبرا، اذا حبس على الثمن حتى يحلف.
قوله: و طائفه غدرا، لانهم اخذوا عثمان بن حنيف و من معه غدرا.
قوله: الا رجلا واحدا معتمدين لقتله بلا جرم جره، لحل لى قتل ذلك الجيش كله، هذا دليل على صحه قول من يقول: ان الجماعه يقتل بالواحد.
قوله: مثل العده التى دخلوا بها عليهم، و سبب ذلك ان اهل البصره، افترقوا، فنصفهم اعانوا عثمن بن حنيف، و قالوا: هولاء يطلبون الاماره بعد (141 ر) ما بايعوا عليها، و نصفهم بايعوا طلحه و الزبير، و قالوا: هما يطلبان قتله عثمن بن عفان، و اقتتلوا بياض يومهم هذا.
فلما غربت الشمس، انصرفوا.
و قتل عسكر طلحه و الزبير من عسكر عثمان بن حنيف اعداد ما كان معهما من الجيوش حين دخل البصره، و اخذوا عثمان بن حنيف، و كان شيخا من اصحاب رسول الله، صلى الله عليه و آله، و نتفوا لحيته و خلوا سبيله.
فلما ورد عثمان بن حنيف ح ضره اميرالمومنين على بن ابيطالب، قال له اميرالمومنين فارقتنا شيخا، و رجعت الينا غلاما.
و هذه قصه طويله مذكوره فى التواريخ.