شرح نهج البلاغه

علی بن زید بیهقی فرید خراسانی

نسخه متنی -صفحه : 365/ 240
نمايش فراداده

خطبه 213-تلاوت رجال لا تلهيهم

قوله حين فرغ من قرائه قوله، تعالى: رجال لا تلهيهم تجاره و لا بيع عن ذكر الله: قوله: بعد العشوه، ان تركب امرا على غير بيان، يقال: اوطاعتنى عشوه اى امرا ملتبسا، كل ذلك ماخوذ من العشاء و العشيه.

برهه من الدهر و برهه اى مده طويله من الزمن.

قوله يذكرون بايام الله، ماخوذ من قول الله، تعالى، و ذكرهم بايام الله.

قال ابن عباس و ابى بن كعب و مجاهد و قتاده: اى بنعم الله.

قال مقاتل: بوقايع الله فى الامم الماضيه.

و قيل: بما كان فى ايام الله من النعمه و المحنه.

فاخبر بذكر الايام عنه، لانها كانت معلومه عندهم.

و قيل ايام الله الايام المعلومات.

و قيل ايام الله قوله: فى يوم كان مقداره خمسين الف سنه، و قال: يعرج اليه فى يوم مقداره الف سنه مما تعدون.

و فى هذا الكلام المراد الوقايع التى كانت فى الامم الماضيه، لانه قال: و يخوفون مقامه بمنزله الادله فى الفلوات، من اخذ القصد، اى سمت الطريق.

(قوله:) فشاهدوا ما وراء ذلك، قد جعل الله لكل شى ء كما لا يشتاق اليه طبعا، و قد هداه الى التخصيص تسخيرا، كما نبه عليه بقوله، تعالى: اعطى كل شى ء خلقه ثم هدى.

و السعادات ضربان: ضرب دائم لا يبيد و لا يحول و هو النعم الاخرويه، و ضرب يبي د و يحول و هو النعم الدنيويه.

و النعم الدنيويه متى لم توصلنا الى تلك السعادات، فهى كسراب بقيعه يحسبه الظمان ماء، و غرور و فتنه و عذاب، كما قال الشاعر: انما الدنيا كرويا افرحت من راها ساعه، ثم انقضت قوله: كانما اطلعوا غيوب اهل البرزخ فى طول الاقامه فيه، و حققت القيامه عليهم عداتها، السبب فى قصور الانسان عن تصور ما بعد الموت ان الانسان لا يمكن ان يعرف حقيقه الشى ء (157 پ) الا بكد شديد و مطلب عسير، و ربما لا يتصور شيئا حتى يدركه بنفسه.

و اذا لم يدركه، و وصف له، يجرى مجرى صبى يوصف له لذه الجماع، فلا يمكنه ان يتصور حقيقته حتى يبلغ فيباشره بنفسه.

و من تصور من الانبياء و الاولياء حقيقه الدار الاخره و طالعها ببصر البصيره، شغله الفرح و التلذذ ربها عن كل مادونها.

لذلك قال اميرالمومنين: فكشفوا غطاء ذلك لاهل الدنيا، حتى كانهم يرون ما لا يرى الناس.

و لكل قوه من القوى لذه يختص بها لا يشاركها فيها غيرها.

فلذه العين فى النظر الى ما يستحسنه، و لذه السمع فى الاستماع الى ما يستطيبه، و لذه اللمس فى مس ما يستلذه، و كذى حاسه الشم و الذوق، و لذه الوهم فى صوره ما يامله، و لذه الخيال فى تخيل ما يستحسن تصوره، و لذه الفكر فى امر م جهول يتعرفه.

و كل واحد من هذه القوى و الاجزاء، اذا عرض لها آفه تعوقه عن شهوته و عن ادراك لذته، فيكون كالمريض الذى لا يشتهى، و ان كان به ظما.

و اذا تناوله، لم يجد لذته.

فمن يك ذا فم مر مريض يجد مرا به الماء الزلالا فاللذات الاخرويه لذات لا يدركه الا بالعقل المحض.

و عقول اكثر الناس معوقه عن ادراك حقايق اللذات الاخرويه، فلا يشعر بها، كالخدر لافه عرضت له، فلا يحس بالسبب المولم.

و اقوام عقولهم كعقول الصبيان لا يحسون بالالام و اللذات التى فى الدار الاخره.

قال الله، تعالى: ما هذه الحيوه الدنيا الا لعب و لهو.