قوله: كل كمال محبوب، و من احب كاملا، اعتقد ذلك المحبه كمالا له.
و من احسن الى واحد، فهو محبوب، كما قال النبى عليه السلام: جبلت القلوب على حب من احسن اليها.
فكان المحب بالحقيقه (192 پ) يحب نفسه و يحب بقاء نفسه.
فكذلك يحب من اوجد نفسه و ابقى نفسه، و اعطاه كمال نفسه.
و كما انه يحب وجود نفسه يجب ان يحب من اوجده، و لم لا يحب، و محبته ثمره معرفته.
اما الشوق فقد نقل فى الادعيه المرويه عن رسول الله، صلى الله عليه و آله، انه قال: اسالك الشوق الى لقائك.
و الشوق يكون فى الشاهد الى شى ء بعضه، هو شاهد من وجه و غايب من وجه.
مثال ذلك المعشوق ، فانه غائب من جهه شخصه حاضر فى الخيال.
و الشوق تقاضى الطبع حتى يكون ما فى الخيال مشاهدا فى الحس حتى يتم الادراك.
فما كان متخيلا يريد ان يكون محسوسا مشاهدا.
فاذا اعتبرنا حال القلب و ما ارتسم فيه من معرفه الله، فذلك هو الانس.
و اذا اعتبرنا حال القلب و ما لم يحصل للانسان من تفاصيل معرفه الله، و طلب المرء تحصيله، فهذا هو الشوق.
و هذا لاتمام المطلوب، و هو الذى قال الله، تعالى، فى ذلك: ربنا اتمم لما نورنا.
قوله: على تبصره الفطنه، قال: الفطنه ذكاء القلب، و تبصرته هو اكتساب العلوم.
فان العقل و العلم الاولى اذا لم يقترن به العلم المكتسب يسمى اعمى.
و انما يخرج عن العمى اذا توصل به الى العلوم المكتسبه.
قوله: و تاول الحكمه، قال: هو العلم بمراد الحكماء فيما قالوا، و اولى الحكمه بالعلم هو قول الله و رسوله، كما قال الله، تعالى: و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمه.
قوله: و موعظه العبره، قال: هو الاعتبار و التفكر فيما يرى مما يحدثه الله فى خلقه من الزياده و النقصان و تصريف الاحوال.
فيستدل بها على صانع حكيم و على فناء الدنيا و زوالها و ان البقاء ورائها.
قوله: و سنه الاولين، قال: هذا (هو) الاحتذاء على سيره الانبياء فى اخلاص الت وحيد و الاستقامه على اليقين و الاعتصام بسنه النبى، صلى الله عليه و آله، و ما سبق عليه الصحابه (193 ر) و الصالحون فى ملازمه التقوى سرا و جهرا و قولا و عقيده.
قوله: صدر عن شعائر الحكم، لان العلم بمعانى كلام الله و رسوله يكون فاصلا بالحكمه العادله و السيره الفاضله.
قوله: لم يصبح ليله، مثل للعرب، و وضع المثل (اصبح ليل) يضرب فى من يتوقع النجاه من البلاد و لا ينجو قائله امرئه امرئالقيس.
و كان امرئالقيس فروكا.
و كانت تلك المراه لا يطيق معه البيتوته.