حکمت 030
قوله: الايمان على اربع دعائم: على الصبر ()، اعلم ان معنى الايمان يرجع الى المعارف و الاحوال و الاعمال.فالمعارف كمثل اصل الشجره، و الاحوال كالاغصان، و الاعمال كالثمرات.فقدم اميرالمومنين من دعائم الايمان الصبر، لان الصبر اشد الاعمال، و لا يستغنى المومن عن الصبر، لان المومن اما فى النقمه و اما فى المهنه: فاذا كان فى النعمه، فلو لم يصبر و لم يملك نفسه، حصل له البطر و الطغيان، كما قال الله، تعالى: ان الانسان ليطغى ان راه استغنى.و الصبر فى العافيه و النعمه من علامات الصديقين.و قال الله، تعالى، فى حق ثعلبه حين لم يصبر على النعمه و العافيه: فلما آتاهم الله من فضله، بخلوا به و تولوا و هم معرضون.و الصبر على النعمه ان لا يسكن اليها و لا يطمئن و يعرف ان هذه عاريه.و اما الاحوال التى لا تلائم الانسان، فمنها كلفه الطاعه و مشقتها و الاجتناب عن المعاصى.و لا غنى عن الصبر فى اداء التكليف على كلفه التكليف و مشقته.و منها موت الاعزه و نقصان الاموال.و لا غنى عن الصبر عند هذه الشدائد.قال الله، تعالى: و اصبر لحكم ربك، فانك باعيننا.و اما العفه فهى تحصيل تمام حسن الخلق من كسر القوه الشهوانيه و الغضبيه.و الع
دل عدلان: عدل بالنسبه اليك، و عدل بالنسبه الى غيرك.فالعدل الذى هو منسوب اليك الاحتراز من الخسران و الطغيان فى ضعف القوه الشهوانيه و الغضبيه و تسلطها.فيسكن الغضبيه بالشهوانيه و الشهوانيه بالغضبيه، فهذا هو الميزان الحقيقى.قال الله، تعالى: و اقيموا الوزن بالقسط و لا تخسروا (192 ر) الميزان.اما الاخلاص، فالباعث على العمل الصالح النيه، فاذا كان المتقاضى واحدا، فهذا هو الاخلاص.مثال ذلك ان من صام، فان كان غرضه الثواب، فهذا هو الاخلاص، و ان كان غرضه الثواب و حفظ الصحه او قله الموونه، فهذا خارج عن الاخلاص.و كذلك اذا اعتق عبدا، فان كان المطلوب رضى الله، فهذا هو الاخلاص، و ان كان المطلوب رضى الله و نجاته من نفقه العبد و كسوته.فهذا غير الاخلاص.و هذا هو المرتبه الثانيه من الصدق، لان من كان فى ضميره شى ء سوى ما يتقرب الى الله، فهذا هو الكذب.و اما قوله: و الترقب، فالمراقبه و الترقب معنى قول الله، تعالى: و لتنظر نفس ما قدمت لغد.و فى الاخبار: حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا.و مراقبه الصديق ان يكون قلبه مستغرقا فى ذكر الله، و لا يلفت الى غير الله.كما قال النبى: من اصبح وهمه هم واحد، كفاه الله هم الدنيا و الاخره.و مرا
قبه الصلحاء و اصحاب اليمين معرفتهم بان الله مطلع عليهم، و لا يساعدهم الاستغراق فى سبيل الله، بل لهم التفات الى انفسهم و الى احوالهم.و حقيقه التقرب ان يكون مراقبته على وجه ينظر الى افكاره و خواطره.فما كان منها موافقا لرضى الله، اقبل عليه بالاتمام، و ما كان منها مخالفا لرضى الله، استحيى من الله، و امتنع منه.اما المحبه و الشوق، فانكرهما جماعه من اهل الظاهر، و قالوا: لا يقال محبه الله و الشوق الى لقاء الله، تعالى.و المحبه ميل الطبع الى شى ء ملائم.فان كان هذا الميل قويا، يقال له العشق.