خطبه 064-در علم الهى
شرح الخطبه الاخرى، قوله: الذى لم يسبق له حال حالا، الى آخر الخطبه، قال الامام الوبرى: المراد بقولنا: اولا، اى قديم لا اول لوجوده، و كونه آخرا، معناه انه موجود حين يعدم ساير الاشياء.و انما يكون موجودا حينئذ لكونه قديما.فكونه اولا و آخرا فايدته واحده، و هو انه قديم يجب وجوده فى كل حال.و وجوده فى كل حال وجود واحد، الا ان اللفظ يتغير بالاول و الاخر.و اللفظ منسوب الى غيره، و التبدل مضاف الى غيره، لا الى ذاته.و هو انه موجود قيل وجود الاشياء، و موجود فى حال عدمها بعد وجودها، و لذلك لم يتغير له حاله فى حالتى وصفنا اياه بالاول و الاخر.فلم يكن كونه اولا، قبل كونه آخرا، لان ما هو عليه فى كونه اولا هو بعينه فى كونه آخرا.قوله: و يكون ظاهرا قبل ان يكون باطنا، قال الامام الوبرى: الظاهر له معنيان، احدهما معلوم بكثره الادله كالمعلوم مشاهده، فشبه بالظاهر للحواس.(71 پ).و الثانى انه قادر على كل شى ء، لقوله تعالى: فاصبحوا ظاهرين.و اما الباطل فى صفاته فيفيد فايدتين: احدهما انه لا يعرف بالحواس، و انما يعرف بالعقل.و الثانى انه عالم بخفيات الامور و سرايرها.فعلى كلى القولين كونه ظاهرا و باطنا فى حاله واحده، لانه فى حال كونه عالما ببواطن الامور، قادر على كل شى ء قاهر له.قوله كل مسمى بالوحده غيره قليل، لان معنى الوحده فى المخلوقات انه منفرد عن جنسه، كالجوهر الواحد، و الرجل الواحد.و معنى الوحده فى صفات الله، تعالى، انه يستحيل ان يكون غيره الها، و توحده بالقدم.قوله: و كل عزيز غيره ذليل.لان العزيز هو الذى لا يمنع عن مراده، و العبد ممنوع عن اكثر مطالبه و مراده.و يستحيل المنع على الله، تعالى، و الذله المنع عن المراد.قوله: و كل قوى غيره ضعيف، كل قوى فى المخلوقات يلحقه العجز و الضعف عن قريب.قوله: كل مالك غيره مملوك، لان المالك هو القادر على التصرف الحسى.و قدره العباد و استطاعتهم من الله، تعالى، فيكون كل مالك من العباد مملوكا.قوله: كل عالم غيره متعلم، لان غيره يستفيد علمه بعد ما لم يكن.و الله، تعالى، فيما لم يزل و لا يزال.قوله: كل سميع، لان الموانع و الافات مقصور جوازها على الحواس، و كل من ادرك بحاسه، جاز ان يلحقه النقايص، فيوثر فيه المدرك اذا كثر و غلب، و لا يقصر عنه اذا قل.و الله، تعالى، منزه عن الحاسه، فيستوى فى ادراكه القليل و الكثير، فلا يفوته القليل و يضره الكثير.قوله: و كل ظاهر غيره غير باطن، لان المحس
وس اذا لم يكن دونه مانع، و الحى المدرك على السلامه، فهو ظاهر، و مع ظهوره لا يصح ان لا يدرك فى هذه الحاله.و هكذا قوله: و كل باطل غيره غير ظاهر.