قوله: من اتى غنيا فتواضع لغناه، فقد ذهب ثلثا دينه.قال اما التواضع لمكان الغنا فمعصيه لا شك فيها، لان الغنى انما يستحق مدحا لغناه لا يبلغ حد التواضع.و اما التقدير بالثلثين، فالاصل فيه ان الدين على ثلثه اقسام: بالقلب و اللسان و الجوارح.و التواضع يبنى على امرين: اعتقاد فى القلب و نيه، عمل بالجوارح، فيستعمل فيه آلتان من آلات الايمان، و هو القلب و الجوارح، فيذهب بها عن الالتين، و يبقى ثلثه، و هو الاقرار باللسان، و ربما يعظمه بلسانه و افعاله، و لم يعظمه بقلبه، فصرف فى تعظيمه ركنين من اركان الايمان.و قال قوم: تعظيم الغنى بسبب ماله غايته حب الدنيا، (و هو) راس كل خطيئه.و هذا ينبئى عن حب الدنيا و حب الجاه و الحرمه.لان صاحب المال مهيب.و ينبئى ايضا عن الغرور و الغفله.فحب الدنيا لا يلائم حب الله، و الصدق و الاخلاص و الزهد و التوكل و المحاسبه و المراقبه.و هذا الذى يزول عنه بسبب تعظيم الغنى ثلثا دينه.و قا(ل قو)م هذه استعاره، و المراد بذلك ذهب اكثر دينه.
حکمت 227
قوله فى صفه الجاهل: قد فعلت، يعنى انه هو الذى لا يضع الشى ء موضعه.