حکمت 104
قوله: رب عالم قد قتله جهله، و علمه معه لا ينفعه، عنى به من علم ما لا حاجه له الى علمه، و جهل ما يضره جهله، كمن جهل حقيقه نفسه و مبدئه و معاده، و اشتغل بالطب و الحساب و اللغه و علوم التواريخ و الانساب (196 پ) و علوم الاعداد و غير ذلك.و قال الامام الوبرى: هذا يحتمل وجهين: احدهما ان العلم قد تقدم على فعل الجهاله، فيكون سبب هلاكه و لا ينفعه علمه، لانه يحتاج فى كل فعل الى علم.فعلمه بامر ما لا ينوب عن علمه بامر آخر، فهو فى امر آخر جاهل، و ان كان عالما بغيره، فمثل هذا العلم لا ينفعه، لانه لا يصرفه عن قبح.و الثانى ان العالم يفعل قبيحا لشهوه، فهو كالفاعل له بجهاله.و اذا لم يصرفه علمه لغلبه شهوته، جاز ان يقال فيه: قتله جهله، اذا كان فعله سبب قتله.قال الله، تعالى: انه من عمل منكم سوئا بجهاله، آه، و قال: انما التوبه على الله للذين يعملون السوء بجهاله، ثم يتوبون من قريب.و قال قوم: المراد بذلك علم يورثه كبرا او عجبا و من على عباد الله بعلمه، و (مع) جوامع معصيته و تقصيره فى الطاعات (يرجو) رحمه ربه بسبب علمه، و ينتظر ممن ليس بعالم تعظيمه و احترامه.قال النبى، عليه السلام: آفه العلم الخيلاء.و بالحقيقه جهلهذا الرجل اوفر من علمه، لان العالم الكامل هو الذى يعرف اخطار امور الاخره.و عرف انه ان لم يعمل بعلمه، كان علمه عليه وبالا.فمن علم شيئا من العلوم الدينيه، فهو عالم، و من لم يعلم انه ان لم يعمل بعلمه، كان علمه وبالا، صار جاهلا بهذا المعلوم، و يقتله جهله.