حکمت 121
(قوله:) عجبت لمن شك فى الله و هو يرى خلق الله، دلاله الفعل على الفاعل و الخلق على الخالق دلاله الالتزام، و يخلق الله يستدل العاقل على وجوده.فالسموات و الارض وجدت عن عدم محض، و لم يكن قبل وجودها و لا بعدها.فانهما عارضان من عوارض الزمان، و الزمان لا يوجد الا بعد وجود الاجسام.فكما لا يجوز قبل وجود الاجسام فوق، و لا تحت، لانهما عارضان من عوارض المكان، فكذلك لا يجوز ان يكون قبل وجود الاجسام قبل و لا بعد، لانهما من عوارض الزمان، و الزمان موقوف الوجود على وجود الحركه، (و الحركه) موقوفه الوجود على وجود الاجسام.و اكثر خلق الله محسوس، و لا شك فى المحسوس، و لا يتصور خلق لا من خالق و صنع لا من صانع، قوله-: عجبت لمن انكر النشاء الاخرى و هو يرى النشاه الاولى، قال قوم: النشاه الاولى نشاه آدم، عليه السلام، و ايجاد الانسان من نطفه اعم (من خلقه) و من اعادته و حشره يوم القيمه.قال الله، تعالى: و لقد خلقنا الانسان من سلاله من طين، ثم جعلناه فى قرار مكين، و قال: ثم انشاناه خلقا آخر.فهذه هى النشاه الاولى.و قال: فكسونا العظام لحما، و لم يقل: و خلقنا منه لحما.و فى ذلك سر لطيف، لان الله، تعالى انشا اللحم انشائا آخر لا من النطفه، و اجراها مجرى الكسوه التى يلبسها الانسان على سبيل التجديد.و لذلك اذا قطع اللحم من الانسان يعود و ينبت.(200 پ) و قال بعض الاطباء: الانسان يتكون من النطفه، و تربى بدم الطمث.و الدم و النطفه من الغذاء، و الغذاء من الحيوان و النبات، و النبات من سلاله من طين.و قال: بعض المفسرين: لما خلق الله، تعالى، آدم من سلاله من طين، و خلق اولاده منه، فاولاده ايضا من سلاله من طين بواسطه آدم.(و) لذلك قال الله، تعالى: ثم جعلنا نسله من سلاله من ماء مهين.فالانسان اولا يتكون جمادا ميتا، كما قال الله، تعالى: و كنتم امواتا فاحياكم، و النطفه فى حكم الميت.اذا قدر الله، تعالى، على احياء النطفه فى النشاه الاولى، فكذلك يقدر على الاعاده فى النشاه الاخرى.ثم يصير الانسان نباتا ناميا، كما قال الله، تعالى: و الله انبتكم من الارض نباتا.و ذلك اذا كانت نطفه و علقه و مضغه.ثم يصير حيوانا، قال الله، تعالى: يا ايها الناس ان كنتم فى ريب من البعث، فانا خلقناكم من تراب ثم من نطفه ثم من علقه ثم من مضغه مخلقه و غير مخلقه.فمن عرف حقيقه النشاه الاولى، آمن باليوم الاخر و النشاه الاخرى.