خطبه 152-ستايش خدا
قوله فى خطبه اخرى له: الحمد لله الدال على وجوده بخلقه، قال الامام الوبرى المتكلم: معناه ان الفعل لا يصح الا من قادر، فالفعل يدل بواسطه الصحه على القادر، و القادر لا يصح كونه قادرا حتى يكون موجودا، لاستحاله كون المعدوم قادرا، و لقيام الدلاله على ذلك.فصح انه، تعالى، دل على وجوده بخلقه.فكلما وجد مقدور من مقدوراته، دل على وجوده من هذا الوجه.فاذا ترادف وجود الافعال منه، توالت دلالتها، و استمرت على انه، تعالى، موجود.و قال: و بمحدث (خلقه) على ازليته، قال: لان الحوادث لابد من نهايه ينتهى اليها.فلو كان فاعلها محدثا، لم يكن للحوادث نهايه، او يصح وجود محدث لا محدث له، و هما محالان.فلابد من الحوادث من نهايه و غايه ينتهى عندها.و لا يصح التناهى فيها حتى يكون مضافه الى فاعل قديم.فمن هذا الوجه يدل على ازليته لا بمجرد حدوثها.فانها لودلت بمجرد الحدوث على الزليه فاعلها، لاستحال الفعل منا، او دل على قدمها، و هما محالان.قوله: و باشتباههم على ان لا شبه له، قال: معناه لو كان له شبه و مثل، لم يجز الا ان يكون معقولا.لان ما لا يعقل، محال اعتقاده و اثباته، و ليس شى ء معقول مل ه لاجناس، الا و هو موجود.فما خرج عن هذه الاجناس، فغير معقول.و المعقول جوهر و عرض، و الاعراض اجناس، محصوره.و ليس فى هذه الاجناس (118 پ) ما يصح كونه قديما، اذ الدلاله قد دلت على حدوث كل جنس منها.و المقدور من كل جنس مثل الموجود منه.و اما الجنس الذى لم يوجد، فالفناء و حدوثه ظاهر.و لا يجوز ان يكون فى الاجناس المعقوله ما يكون مثالا للقديم.اذ المحدث يستحيل ان يكون بصفه القديم.فاذا لم يكن غير المعقول جايزا صحيحا، و الصحيح الجايز المعقول لا يصح الا ان يكون محدثا، لم يجز ان يكون فى الاشياء الموجوده ما هو مثل له، تعالى.و قد دلت هذه الاشياء على الله، تعالى، من هذا الوجه الذى ذكرناه.و اشتباهها فى الحدوث يدل على انه تعالى لا شبه له.و وجه آخر و هو ان كل واحد منها محدث، و فاعلها قديم، و القديم يستحيل ان يشبه كل محدث، فمعناه باشتباهها يدل على انه لا شبه له منها.و وجه آخر و هو ان الاشياء المتماثله فى الصوره و الخلقه، يدل على ان فاعل كل واحد منها علم بحقيقته كل شى ء حتى يمكنه ان ياتى بالثانى كانه غير الاول فى الصوره فى غايه التماثل و الاشتباه و الموافقه.و كل فاعل سواه لا يتاتى منه و لا يصح الموافقه بين افعاله حتى لا يميز بعضها من بعض.فغايه التشابه
فى افعال الله، تعالى، دلاله على مخالفته لساير الاشياء، من حيث ان افعاله يتشابه تشابها لا مزيد عليه فى العقل، و مخالفته لساير العالمين لا يصح حتى يستغنى عن العالم، و لن يستغنى عنه حتى يكون قديما، و هذا مما يحتمله، قوله: و باشتباههم على ان لا شبه له.