حکمت 447
و سئل، عليه السلام، من اشعر الشعراء فقال: ان القوم لم يجروا فى حلبه تعرف (209 پ) الغايه عند قصبتها، فان كان و لابد، فالملك الضليل.يريد امرء القيس، و يقال له الضليل، لانهماكه فى شرب الخمر و اقدامه على امور النساء و تهتكه.قال الحاكم ابوعبدالله فى تاريخ نيشابور: انما سمى ضليلا لانه ذهب الى الروم، و تنصر فى آخر عمره، حتى اهدى اليه تعالى ملك الروم حله مسمومه.المعنى: الشعر هو الكلام الموزون (س 4 گ 209 پ) (س 12 گ 217 ر) على روى واحد المقوم على حذو، و احذى البيت بالبيت حذوا النعل بالنعل و القذه بالقده، حتى لا يخالف بعضه بعضا فى الوزن و الروى: و ربما سموه شعرا، لانه الفطنه بالغوامض من الاسباب، يقال: شعرت بالشى ء شعرا و شعورا.و منه قولهم: ليت شعرى، اى ليتنى اشعر به.و سموا الكلمات المنظومه الموزونه قافيه، اى انه اكلام الذى يقفوا بعضه بعضا على مثال واحد.ثم سموا اجتماع القوافى قصيده، يعنون بالقصيده انها الكلمه التى قد امتليت بالمعانى، و كثر فيها الالفاظ المستحسنه، يقال: ناقه قصيده، اى ممتليه كثير الشحم و اللحم سمينه.شبهوا القصيده بها.قال الشاعر: قطعت و صاحبى سرح كنار كركن الرعن ذعلبه قصيد.و فى امه العرب، ان شاء الله تعالى، شعراء، مدون كلامهم و مخلد على مرور الدهر، و صار الشعر رياضه للمرتاضين و ادبا للمتادبين، و رغب فيه الملوك من الناس (217 پ) و استحسنه الامم، كافه.و للجذيمه بن الابرش ملك العرب ابيات منها: ربما اوفيت فى علم ترفعن ثوبى شمالات يا ليت شعرى ما اماتهم نحن ادلجنا و هم باتوا و قال معدى كرب و قد عمر: ارانى كلما افنيت يوما اتانى بعده يوما جديد يعود بياضه فى كل فجر و ياتى لى شبابى ما يعود ويقال: اول من قصد القصائد و ذكر الوقايع مهلهل بن ربيعه و اسمه عدى.و قيل: ان العباس بن عبدالمطلب سال عمر بن الخطاب عن الشعراء، فقال: امرئالقيس سابقهم خسف لهم عين الشعر فافتقر، عن معان عوراصح بصر (؟).قال الشعبى: كان ابوبكر و عمر شاعرين، و كان على اشعر منها.و ذكر اشعار الصحابه محمد بن اسحق بن يسار فى مغازيه.و قيل: من اشعر العرب؟ فقيل امرئالقيس حين ركب، و الاعشى حين رغب، و النابغه حين رهب.و قيل خرج ملك العرب النعمان بن منذر و معه امرئالقيس و طرفه و اعشى و عبيده بن الابرص، و كل واحد منهم قال: انا اشعر.فغضب الملك عليهم و سبقهم و ساروا، فاستقبلهم فى الفلاه جنى و حبسهم.و قال: من معرب جدل جار ال
عويص له بحرا يجيز لنا بيتا على واو فقال لهم النعمان اجيبوه! فقالوا جميعا سوى امرئالقيس: ليس لنا بمجاوبه الجنى طاقه.فقال الملك لامرئالقيس: اجبه! فقال امروالقيس لا اجيبه حتى يعترف هولاء بتقدمى فاقروا بفضله و تقدمه فقال امرئالقيس.انا اجيز لكم بيتا فاعربه ان الذى يزدرينى شاعر غاوى امضى لحاجه نفسى غير مكترث و لا ابالى صياح النابج الغاوى اناس شتى و نبت الارض مختلف منه العصى و منه اليابس الذاوى اخذته و الذى حج الحجيج له انى فصيح و انى شاعر راوى و سئل لبيد و قيل: من اشعر الناس فقال: الملك الضليل، قيل: ثم من؟ فقال: الفتى القتيل، يعنى طرفه.قيل: ثم من؟ فقال: ابوعقيل، و عنى به نفسه.و قال الفرزدق: كان الشعر جزورا فنحر، و اخذ سنامها امروالقيس، و اخذ طرفه باطايب لحمها (218 ر) و اخذ لبيد بامعائها و اكبادها، و يقيت عظامها وارواثها، فاقتسمناها نحن.قال ابوعبيده معمر بن المثنى: العرب العكاظبون لا يعدون من شى ء الا ثلثه، ثم يكفون و لا يزيدون عليها.فان لحق بعد ذلك شى ء لم يعدوه.و اتفقوا على ان اشعر الشعراء فى الجاهليه امرو القيس بن حجر الكندى، و نابغه بنى ذبيان، و زهير بن بن سلمى المدنى و بكى الدمن و
وصف ما فيها.ثم اختلفوا فيهم، فقال بعضهم امروالقيس اولهم فتح لهم الشعر فاستوقف، و بكى الدمن، و وصف ما فيها، فتبعوا اثره.و هو اول من شبه الجمل بالعصا و اللقوه (؟) و الظباء و الطير.و قال من فضل النابغه: هو اوضحهم كلاما و اقلهم سقطا و حشوا، و اجودهم مقاطع و احسنهم مطالع.و قال الذين فضلوا زهيرا: هو امدح القوم.و هذا معنى قول امروالقيس: ان القوم لم يجروا فى حلبه تعرف الغايه عند قصبتها.و شبه الفرزدق بزهير، و الاخطل بالنابغه، و جرير بالاعشى، و لم يشبه احد بامروالقيس.و العجاج اول من وضع الرجز، و شبهه بالشعر، فجعل له اوائل و ذكر الديار وصف ما فيها و بكا على الشباب و وصف الراحله، و شبهها كما صنعت الشعراء فى الشعر.و كان العجاج يشبه من الرجاز بامروالقيس من الشعراء.ثم اختلفوا فى البقيه من الرجاز، فقالت تميم: العجاج.اولهم، ثم حميد الارقط، ثم روبه، ثم الاغلب الفحل، ثم ابوالنجم الفضل بن قدامه.و كان الرجل قبل العجاج، اذا فاخر او خاصم، نظم بيتا او بيتين فحسب.قال ابوعبيده معمر بن المثنى: من اجود ما قيل فى الامثال و الكرم قول امروئالقيس حيث قال: و لكنما اسعى لمجد موثل و قد يدرك المجد الموثل امثالى و ما المرء مادا
مت حشاشه نفسه بمدرك اطراف الخطوب و لا آل (218 پ) و قال غيره فى هذا المعنى: و لو ان ما اسعى لا دنى معيشه لمال قليل او يثاب على جلدى لابت الى نفسى و يبلغ حاجتى من المال مال دون بعض الذى عندى و لكنما اسعى لمجد موثل و كان ابى نال المكارم عن جدى و قال شاعر بنى ضبه فى هذا المعنى: و لو انى لنفسى كنت اسعى لا جزانى من المال القليل ثياب اكتسيها او طعام واح على من المال فصول (؟) و لكن لا ابا لك غال مالى و كان دريه للمال غول (؟) مكارمه الصديق اذا عترانى و كل الحى و الانس الحلول (؟) فانظر الى مرتبه امروالقيس بين هولاء فى هذا المعنى.و قال امروالقيس فى الامثال: اذا المرو لم يخزن عليه لسانه فليس على شى ء سواه بخزان فقال الفرزدق: الذى يقول: و ما ذرقت عيناك الا لتضربى بسهمك فى اعشار قلب مفتل و سال الاخطل و قال: من اشعر الناس فقال الذى: يقول: كان عيون الوحش حول خبائنا و ارجلنا الجزع الذى لم يثقب و سال جريرا و قال من اشعر الناس؟ فقال الذى يقول: سموت اليها بعد ما نام اهلها سمو حباب الماء حالا على حال فاجتمعوا، و هم شعراء الاسلام، على ان امروالقيس اشعر الناس.و زعموا ان كثير ع
زه الخزاعى قال: خرجت من عند عبدالملك بن مروان، قد خلع على، و كساننى حله و انابها معجب، و انا اطوف، فوصلت فى باديه الى الشام الى جاريه سوداء توقد نارا ببعر فقالت: من انت؟ فقلت: انا كثير بن عبدالرحمن.فقالت لكثير عزه!؟ فقلت: نعم، فقالت لا حياك الله و لا بياك انت الذى تقول: فما روضه بالحزن ظاهره الثرى يمج الندى جثجاثها و عرارها (219 ر) باطيب من اردان عزه موهنا اذا اوقدت بالعنبر الرطب نارها ويحك لو القيت العنبر على هذا البعر طابت ريحه، فهلا قلت كما قال امروالقيس: الم ترانى كلما جئت طارقا وجدت بها طيبا و ان لم تطيب قال كثير: فقلت للجاريه: ويحك اكتمى على هذا العيب.و لك هذه الحله.فاعطيتها الحله و مضيت.و قال امروالقيس: من القاصرات الطرف لو دب محول من الذر فوق الاتب منها لاثرا و قال جميل فى هذا المعنى: منعمه لو يدرج الذر بينها و بين حواشى درعها كاد يخرج و قال حسان بن ثابت فى مثله: لو يدب الحولى من ولد الذر عليها لاندبتها الكلوم فانظر بنظر البصيره فى مرتبه امروالقيس.و اقتباس الشاعرين منه.و ذكروا ان هشام بن عمر التغلبى، و كان والى السند، و هو فضل النابغه على امروالقيس، و كان معه من العر
ب من يفضل امروالقيس على الشعراء.فقال هشام ذات ليله فى عشره، من يحسن ان يقول مثل قول النابغه: كلينى لهم يا اميمه ناصب و ليل اقاسيه بطى ء الكواكب و ضدر اراح الليل عازب همه تضاعف فيه الحزن من كل جانب تطاول حتى قلت ليس بمنقض و ليس الذى يهذى النجوم بائب فقال ذلك الرجل الذى يفضل امروالقيس: احسن من ذلك امروالقيس حيث قال: و ليل كموج البجر ارخى سدوله على بانواع الهموم ليبتلى فلت له لمنا تمطى بصلبه و اردف اعجازا و ناء بكلكل الا ايها الليل الطويل الا انجلى بصبح و ما الاصباح منك بامثل فاعترف هشام بتفضيل امروئالقيس.و قال امروالقيس فى المدح، و كاد لا يمدح و لا يهجو لانه كان ملكا: يفكهنا سعد و يغدوا عليهم بمثنى الزقاق المترعات و بالجزر و تعرف فيه من ابيه شمائلا و من خاله و من يزيد و من جحر سماحه ذا وبر ذا و وفاء ذا و نائل ذا اذا صحا و اذا سكر و قال امروالقيس فى الغريب.كبكر مقاناه البياض بصفره غذاها نمير الماء غير محلل و تعطو برخص غير شثن كانه اساريع ظبى او مساويك اسحل و قوله: فظل كمثل الخشف يرفع راسه و سائره مثل التراب المدقق و قوله: فيوما على بقع دقاق صدورها و يوم
ا على سفع المدامع ربرب و يوما على صلت الجبين مسحج و يوما على بيدانه ام تولب و قال فى وصف المرئه: كان المدام وصوب الغمام و ريح الخزامى و نشر القطر يعل به برد انيابها اذا طرب الطائر المستحر و سال سعيد بن العاص، و هو امير المدينه، الحطيئه، و قال: من اشعر الناس، فقال الحطيئه: امروالقيس لقوله: و الله انحج ما طلبت به و البر خير حقيبه الرحل و قال رسول الله، صلى الله عليه و آله، فى حق امروالقيس هو اشعرهم و قايدهم الى الناس.و كان امروالقيس شديد الغيره.فلما راى ذلك النساء منه غيبن بناته فى الماء، فعرف ذلك امروالقيس، فخرج يوما حتى اقبل على جوار تلعبن فى غدير.فقال: ايتكن، تجيز.على بيتا حتى اعطيها راحلتى.فقال ابنته: هات.فقال امروالقيس: اذا بركت تعالى (؟) مرفقاها على مثل الحصير من الرخام فقالت بنته: فقاموا بالعصى ليبعثوها فهبت كالعصيف من النعام فنزل امروالقيس، و غطها فى الماء، حتى ماتت.ثم جاء الى غدير آخر، و قالت لمن كانت هناك من النساء: ايتكن ترد على بيتا، اعطيته ثوبى.فقالت ابنته: هات.فقال امروالقيس: صادت فوادك بالنياط خريده صفراء رادعه عليها اللولوء فقالت الجاريه: كعقليه الا
دحى بات يحفها دبر النعام و زال عنها الجوجو فاخذها، و ضرب (220 ر) بها الصخر حتى قتلها.ثم اتى غديرا آخر، و قال ايتكن ترد على بيتا و لها فرسى.فقالت جاريه: هات: فقال امروالقيس: و كانهن نعاج رمل هائل نزف يمدن كما يميد الشارب فقالت الجاويه: بل من اقرت فى الخطى من خطوها ان الخرايد خطوها تتقارب فلم يزل يتوخاها حتى قتلها، ثم انصرف، و قد فرغ من قتل بناته، و قال: طال الزمان و ملنى اهلى و شكوت هذا البير من حبل ثم اذا باتت ارقنى فاذا انتبهت فاتم شغلى فهذه الحكايات و الروايات و القراين معنى قول اميرالمومنين، عليه السلام، حيث قال: فان كان و لابد، فالملك الضليل.