حکمت 131
قوله: الصلاه قربان كل تقى، اعلم ان الصلوه مثل شخص، و آدابها كالحواس، و فرايضها كالاعضاء، و روحها الخشوع و الخضوع.و المقصود من الصلوه استقامه القلب و تجديد ذكر الله على سبيل الهيبه و التعظيم، قال الله، تعالى: و اقم الصلوه لذكرى.و من كان قلبه حاضرا فى وقت التكبير فحسب كان كشخص به رمق.فتفكر من الاذان فى نداء القيامه، حيث قال قوم يسمعون الصيحه بالحق.و من القيام من حال الوقوف فى حاله السئوال حيث قال: وقفوهم انهم مسئولون.و من التشهد فى قوله: و ترى كل امه جاثيه.و من الركوع فى قوله، تعالى: ناكسوا رووسهم عند ربهم.و من فرح عند سماع الاذان، ابتهج عند نداء القيامه.و القربان بالضم ما تقربت به الى الله، و منه قربه لله قربانا.قوله.الحج جهاد كل ضعيف.و صوره اعمال الحج مكتوبه فى كتب الفقه.و اما حقيقته فهى ان الانسان مخلوق على وجه لا يصل الى سعادته الا بترك اختياره و الاجتناب عن لذاته.و سفر الحج على مثال سفر الاخره.و فى هذا السفر المقصد هو البيت، و فى سفر الاخره المقصد رب البيت.فالوداع عند مفارقه اهله يحكى الوداع (202 ر) فى سكره الموت.و كما ان هذا السفر لابد له من الزاد، فكذلك سفر الاخره لابد له منزاد التقوى، و كما ان الزاد الذى يتغير و يفسد لا يصلح لسالك طريق الباديه، كذلك العمل المشوب بالرياء لا يصلح لسفر الاخره.و عند الركوب يجب ان يتذكر ركوب الجنازه، و عند لباس ثوب الاحرام يتذكر الكفن، و عند عقبات الباديه يتذكر اهوال القيامه، و يتفكر عند الالتجاء الى الخطر فى انه لا ينجو من اهل القيامه الا بخفاره العمل الصالح، و عند التلبيه يتذكر حوات ما يسال عنه يوم القيامه، كما قال: وقفوهم انهم مسئولون، و يوم يدعوهم فيستجيبون بحمده.و كان على بن الحسين زين العابدين، عليه السلام، اذا احرم، اصفر وجهه و ارتعدت فرائصه تفكرا فى ما ذكرناه، و فى امثال ذلك.و الوقوف بعرفه يحكى الوقوف بعرصات القيامه، و اشتغال كل واحد بنفسه، و مذله كل واحد، و ان كان ملكا مطاعا.و كل ملك معه غلمان و خدم و حشم، فانه ينفرد عند الوقوف بعرفات، و يتفرق خدمه و غلمانه.قوله: لكل شى ء زكوه، و زكوه البدن الصيام، و قال الله، تعالى: الصوم لى، و انا اجزى به، لان الصوم امساك خاص، و هو امر مستور، لا يطلع عليه الا الله، تعالى، و هو مكسر للشهوه، و الشهوه جند من جنود ابليس.و زكوه المال ينقص المال صوره و ينميه معنى.فالصوم ينقضص القوه البدنيه صوره و يزيد ال
معنى الحقيقى الذى هو قطع مواد الشهوات.و الصوم صومان: صوم العوام و صوم الخواص.فصوم العوام حفظ البدن و الفرج، و صوم (الخواص) حفظ القلب عما دون الله، تعالى، و حفظ الاعضاء و الجوارح عن معصيته، و هذا الصوم زكوه البدن.قوله: جهاد المراه حسن التبعل، ذاك خبر مروى عن رسول الله، صلى الله عليه و آله، اورده القاضى القضاعى فى الشهاب.و هذه مجاهده، لان فيه قهر الغضب.