خطبه 213-تلاوت رجال لا تلهيهم
قوله حين فرغ من قرائه قوله، تعالى: رجال لا تلهيهم تجاره و لا بيع عن ذكر الله: قوله: بعد العشوه، ان تركب امرا على غير بيان، يقال: اوطاعتنى عشوه اى امرا ملتبسا، كل ذلك ماخوذ من العشاء و العشيه.برهه من الدهر و برهه اى مده طويله من الزمن.قوله يذكرون بايام الله، ماخوذ من قول الله، تعالى، و ذكرهم بايام الله.قال ابن عباس و ابى بن كعب و مجاهد و قتاده: اى بنعم الله.قال مقاتل: بوقايع الله فى الامم الماضيه.و قيل: بما كان فى ايام الله من النعمه و المحنه.فاخبر بذكر الايام عنه، لانها كانت معلومه عندهم.و قيل ايام الله الايام المعلومات.و قيل ايام الله قوله: فى يوم كان مقداره خمسين الف سنه، و قال: يعرج اليه فى يوم مقداره الف سنه مما تعدون.و فى هذا الكلام المراد الوقايع التى كانت فى الامم الماضيه، لانه قال: و يخوفون مقامه بمنزله الادله فى الفلوات، من اخذ القصد، اى سمت الطريق.(قوله:) فشاهدوا ما وراء ذلك، قد جعل الله لكل شى ء كما لا يشتاق اليه طبعا، و قد هداه الى التخصيص تسخيرا، كما نبه عليه بقوله، تعالى: اعطى كل شى ء خلقه ثم هدى.و السعادات ضربان: ضرب دائم لا يبيد و لا يحول و هو النعم الاخرويه، و ضرب يبيد و يحول و هو النعم الدنيويه.و النعم الدنيويه متى لم توصلنا الى تلك السعادات، فهى كسراب بقيعه يحسبه الظمان ماء، و غرور و فتنه و عذاب، كما قال الشاعر: انما الدنيا كرويا افرحت من راها ساعه، ثم انقضت قوله: كانما اطلعوا غيوب اهل البرزخ فى طول الاقامه فيه، و حققت القيامه عليهم عداتها، السبب فى قصور الانسان عن تصور ما بعد الموت ان الانسان لا يمكن ان يعرف حقيقه الشى ء (157 پ) الا بكد شديد و مطلب عسير، و ربما لا يتصور شيئا حتى يدركه بنفسه.و اذا لم يدركه، و وصف له، يجرى مجرى صبى يوصف له لذه الجماع، فلا يمكنه ان يتصور حقيقته حتى يبلغ فيباشره بنفسه.و من تصور من الانبياء و الاولياء حقيقه الدار الاخره و طالعها ببصر البصيره، شغله الفرح و التلذذ ربها عن كل مادونها.لذلك قال اميرالمومنين: فكشفوا غطاء ذلك لاهل الدنيا، حتى كانهم يرون ما لا يرى الناس.و لكل قوه من القوى لذه يختص بها لا يشاركها فيها غيرها.فلذه العين فى النظر الى ما يستحسنه، و لذه السمع فى الاستماع الى ما يستطيبه، و لذه اللمس فى مس ما يستلذه، و كذى حاسه الشم و الذوق، و لذه الوهم فى صوره ما يامله، و لذه الخيال فى تخيل ما يستحسن تصوره، و لذه الفكر فى امر م
جهول يتعرفه.و كل واحد من هذه القوى و الاجزاء، اذا عرض لها آفه تعوقه عن شهوته و عن ادراك لذته، فيكون كالمريض الذى لا يشتهى، و ان كان به ظما.و اذا تناوله، لم يجد لذته.فمن يك ذا فم مر مريض يجد مرا به الماء الزلالا فاللذات الاخرويه لذات لا يدركه الا بالعقل المحض.و عقول اكثر الناس معوقه عن ادراك حقايق اللذات الاخرويه، فلا يشعر بها، كالخدر لافه عرضت له، فلا يحس بالسبب المولم.و اقوام عقولهم كعقول الصبيان لا يحسون بالالام و اللذات التى فى الدار الاخره.قال الله، تعالى: ما هذه الحيوه الدنيا الا لعب و لهو.