خطبه 050-در بيان فتنه
شرح الكلام الاخر، اما قوله: لو خلص الحق من الباطل، قال الامام الوبرى: لو ان الحق كان يعلم ضروره، لخلص الحق من مزاج الباطل، لكن مادام العلم نظريا، فلابد من جواز الشبهه فى ثانى الحال من العلم.فان دفعها العالم بتجديد النظر الصايب فى الادله، استمر كونه عالما.(68 پ) و ان لم يفعل ذلك، زال علمه.فهذا هو لبس الباطل بالحق، و كذا لبس الحق بالباطل من هذا الوجه.فان المبطل الجاهل و ان جهل الحق، و اعتقد فى الباطل انه حق، فانه لا يجد بدا من الدواعى الى الحق لان اصول الحق مقرره فى العقل، فما دام عاقلا يعترض له نوازع الحق و دواعيه، فلا يستمر فى كل احواله خلوا عن الحق، حتى يخلص عنده الباطل و الخطاء عن كل حق و صواب.فهذا لبس الحق بالباطل.و قال قوم: ما يكسب معرفته انما يكسب بان يكون معلومات متفقه معلومه، و ان يسلك من هذا المتقدم الى هذا المتاخر طريق موصل اليه، فربما يسلك طريق لا يوصل اليه، و ربما يسلك طريق موصل، فما خلص الحق من لبس الباطل.و قيل القوه الوهميه لا يمكنها ان تتوهم شيئا الا بان يغيرها الى صوره محسوسه بالمعقول الذى ليس بمحسوس بوجه من الوجوه.فاحكام القوه الوهميه فيه كاذبه، و احكام بديهه الوهم فى المحسوسات صحيحه، لان الوهم آله العقل الى المحسوسات.و قيل: القوه التعارفيه التى احكامها الامور المشهوره تبلغ من الانسان مبلغا يمنعه عن التشكك فيها فيقوم مقام العقائد الضروريه.و ان لم يكن كذلك، بل كان بعضها كذبا، و بعضها صدقا، فهذا معنى قوله: لو خلص الحق من ليس الباطل، و معنى قوله: لو خلص الباطل من الحق ما بينا من القوه الوهميه فى ان حكمها فى المحسوسات صحيحه، و فى المعقولات غير صحيحه.فبدايه الوهم بعضها مقبوله.