قوله: قله العيال احد اليسارين، اليسار على وجهين: يسار بكثر المال، و يسار بقله الانفاق.
فمن قل عياله، قل انفاقه، و من قل انفاقه من افتقر.
قال الامام الخجندى المقيم باصفهان: معنى الخبر ليس ما يظن القوم: ان من قل عياله كثر ماله، و لكن من قل عياله سهل عليه الانفاق، و كانت مئونته خفيفه، كما ان من كثر ماله سهل عليه الانفاق.
و من قل عياله كان عيشه هنيئا، كما ان المتمول عيشه هنى.
و اكثر الفضايح يكون من قله المال و كثره العيال، نعوذ بالله من ذلك.
قوله: التودد نصف العقل، قال الامام الوبرى المتكلم: كان العقل قسمان: احدهما المعرفه بالعقلاء الحاضرين، و هو علم المشاهده، و ما سويهم تبع لهم.
و القسم الثانى من العقل معرفه عادات العقلاء فيما يحبون و يكرهون، فموافقتهم فى ما يحبون و مجانبه ما يمكرهون هو التودد اليهم.
مجموع هذين القسمين هو العقل، واحد هما نصفه.
ذكر القفال الشاشى (203 ر) صاحب التفسير فى كتاب جوامع الكلم: ان المراد بالنصف هاهنا و فى قوله: نصف العقل، ليس على وجه التقدير و التحديد.
و المراد بذلك لكل خصله من هذه الخصال حظ وافر و نفع تام.
و هذا مشهور فى مذهب العرب.
فان العرب يقول: من عرف طريقا فكانما سلك نصفه.
و المراد بذلك ان معرفه الطريق ينفع فى سلوكه نفعا كاملا.
و قال شريح القاضى: اصبحت و نصف الناس على غضبان.
و المراد بذلك بعض الناس.
لان فى الناس من لا يحتاج الى القاضى، فلا يرضى عنه و لا يغضب عليه.
قوله: الهم نصف الهرم، قال بعض الاطباء: جميع العوارض النفسانيه يتبعها او يسحبها حركه اما الى خارج و اما الى داخل، و ذلك اما دفعه و اما قليلا قليلا.
و يتبع حركتها الى خارج برد الباطن، و ربما افرط ذلك فيتحلل دفعه، فيبرد الباطن و الظاهر، و يتبعه غشى او موت، و يتبع حركتها الى داخل بروده الظاهر و حراره الباطن.
و ربما اختنقت من شده الانحصار، فيبرد الظاهر و الباطن، و يتبعه غشى عظيم او موت.
و الحركه الى خارج، اما دفعه عند الغضب، و اما اولا فاولا كما عند اللذه و عند الفرج المعتدل.
و الحركه الى داخل اما دفعه كما عند الفزع، و اما اولا فاولا كما عند الحزن.
و الاختناق و التحلل المذكوران انما يتبعان دائما ما يكون دفعه.
و اما النقصان و الذبول فيتبعان دائما ما يكون قليلا قليلا لا دفعه.
و قد يتفق ان يتحرك الى جهتين فى وقت واحد (203 پ) اذا كان العارض يلزمه عارضان مثل الهم، فانه قد يعرض منه غضب و حزن، فتختلف الحركات، و له تاثير قو ى فى الشيب.