شرخ الخطبه الاخرى، قوله: ما لبست على نفسى، دلاله على نقاء سريرته و صفاء باطنه و خلوص طويته و طهاره ذاته.
قوله: و لا لبس على، يدل على كمال عقله و علمه و كثره تجاربه.
و هذان اللفظان مجامع مكارم الاخلاق.
و قال بعض السلف.
العاقل ان لا يخدعه احد، و المسلم ان لا يخدع احدا.
قوله: ايم الله، اسم وضع للقسم.
قيل: انه جمع يمين القسم، و قيل: انه ليس بجمع.
هكذا بضم الميم و النون، و الفه الف وصل عند اكثر النحويين، و لم يجى فى الاسماء الف الوصل مفتوحه غيرها.
و قد تدخل عليه لتاكيد الابتداء اللام تقول ليمن الله، فتذهب الف الوصل و هو مرفوع بالابتداء و خبره محذوف، و التقدير ليمن (الله) قسمى.
و اذا خاطبت قلت: ليمنك و انما حذ فوامنه النون، فقالوا: ايم الله و بكسر الهمزه ايضا.
و ربما حذ فوامنه الياء ايضا، فقالوا: ام الله: و ربما ابقوا الميم وحدها مضمومه و مكسوره، و روى مفتوحه.
و ربما قالوا: من الله (48 ر) بضم الميم و النون و فتحهما و كسرهما.
كانوا يحلفون باليمين.
ثم يجمع اليمين على ايمن، ثم حلفوا به، فقالوا: ايمن الله لافعلن كذا.
هذا هو الاصل فى ايمن الله، ثم كثر فى كلامهم و خف على السنتهم حتى حذ فوامنه النون، كما حذفو ا من (لم يكن).
فعلى هذا الفه الف قطع، و هو جمع يمين، و خففت همزتها و طرحت فى الوصل لكثره استعمالهم لها.
قوله: لا افرطن، فرطتهم و افرطهم فرطا و فروطا، سبقتهم الى الماء، فانا فارط، و الجمع فراط.
و لافرطن لاسبقن و لافرطن لاملان، و كلاهما يحتمل هاهنا.
و سمى الحوض حوضا، لانه من حضت الماء، اى جمعته.
الماتح و المتوح المستقى.
لا يصدرون عنه و لا يعودون اليه اى يهلكون.
قيل: كانه يومى الى من عرف شجاعتى و مقامى للقتال و ثباتى عند المبارزه لا يبارزنى حتى يياس من الحيوه.
و ذلك ليتمكن هيبته فى قلوب الناس، و ان من يعاديه يخاف لا محاله سوء العاقبه.
و اميرالمومنين، عليه السلام، لا يهاب الناس.
و العارف شجاع كما تقدم.
و قيل: انه كان واثقا بحسن عاقبته فى الاخره عندالله، تعالى.
و المراد به حوض الكوثر، اى انا مستقيه.