و اما اسره فى الاسلام، فهو الذى بعثه المهاجر بن (ابى اميه) و الوليد بعد فتح حضرموت مقيدا الى المدينه.
هذا ما وجدته فى التواريخ و مشاهير ايام العرب.
و ربما كان عند غيرى ما اشار اليه السيد، فانه لم (45 پ) يخبر الا عن درايه و اتقان.
و قوله: عرف النار، قيل: هو ماخوذ من عرف الفرس، لان عرف الفرس يسترعنق الفرس، كذلك الغادر يستر نار مكره.
و قيل: العرف و ا لعرفه الرمل المرتفع شبه الجبل، و الجمع اعرف و اعراف.
قال الشاعر: اابكاك بالعرف المنزل فكما ان الرمل المرتفع يستر ماورائه، كذلك الغادر يستر ما ورائه من نار المكر، و العرف يدل على تتابع المشى ء متصلا بعضه ببعض، و منه عرف الفرس.
قوله: لحرى ان يمقته الاقرب و لا يامنه الابعد، من غدر بقومه يمقته اقاربه و لا يامنه اباعده، لان الغدر بالاقرب اهون من الغدر بالابعد.
و من لا يامن قريبه غدره مع الرحم الماسه و النسب المشتبكه، كيف يامن غدره الابعد.
و اميرالمومنين على، عليه السلام، اشار فى هذا الكلام الى مجامع عيوبه: اولا لعنه و قال: عليك لعنه الله، و يستحق اللعنه من استكبر و ابى و اللعن يدل على ابعاد و اطراد من الخير.
ثم استعمل بمعنى الدعاء على الملعون.
و اللعنه الاسم، و الرجل لعين و ملعون.
و المراه ايضا لعين.
و قوله و لعنه اللاعنين يدل على جواز اللعن، و هو الدعاء على من بعده الله من رحمته.
و اللعين فعيل بمعنى مفعول كمطرود و طريد.
و انما سمى ملعونا، لان الله، تعالى، طرده عن الجنه و ابعده عنها، و لعنهم الله بكفرهم (و) طردهم و ابعدهم، و قيل: الملعون المتروك.
قال الشاعر: .
بصونيه.
ملعون يصف الطريق بانه متروك لا يسلك.
فالشيطان ملعون، لانه طرد و ابعد و ترك، فصار بمنزله الطريق الذى عمى هداه فلا يهتدى له.
ثم وصفه اميرالمومنين بدنائه الهمه و ركاكه الراى و خبث الكسب و النفاق و الانتساب الى كافر.
و هذا دليل على ان الاصل موثر فى الخير و الشر.
ثم وصفه بالشك و التقليد، لان الارتداد (56 ر) من الدلائل (على) الشك و التقليد.
ثم وصفه بالعجز و الفشل.
فان من اسر يكون عاجزا احيانا.
ثم وصفه بالبخل و ترك الحزم، حيث قال: فما فداك مالك و لا حسبك.
ثم وصفه بالغدر و الطمع الذى يدنى الى الطبع.
و وصفه بانه لا يثق به بعيد و لا يحبه قريب.
و هذه مجامع الرذائل.