و على هذا يكون معناه انكم اذا صدقتم نياتكم و نظرتم باعين لم تطرف (باهداب) الحسد و الغش و انصفتمونى ابصرتم منزلتى.
ثم قال محرضا لهم على طلب العلم و الشرع منه و درايت ه فلعلهم يستضيئون بدلالته و هدايته، و ذكر عليه السلام انه يقيم لاجلهم على طريق الحق فى جواد يضل فيها الطريق، و لو طلبتم بعد رسول الله غيرى هاديا ما وجدتم، و لو حفرتم بمعول النظر فى ذلك لما امهتم.
و السنن: الطريقه، يقال استقام فلان على سنن واحد و امض على سنتك و سنتك: اى على وجهك، و تنح عن سنن الطريق: اى عن وجهه.
و السنه: السيره.
يقال (ارض مضله) بفتح الضاد و كسرها: التى يضل الطريق فيها.
و (العجماء) صفه موصوف محذوف، اى انطق لموعظتكم الكلمات العجماء التى لايكون لها نطق فى الحقيقه، فاذا نظر فيها الناظر و تامل اطلع على ما يفيده، و تكون له فيها فائده (عظيمه) و عائده، فكانها ذات بيان.
فالعجماء اشاره الى ما يذكر فى هذه الخطبه من الرموز تشبيها بالعجماء من الحيوان، يعنى اعرض عليكم الادله التى لامحيص لكم عنها، فكانها تنطق و لا لسان و تقول و لا بيان، اذ الادله تنطق بلسان الحال و ان كانت تعجز عن القال، كما قيل (بالامور الصامته الناطقه) فقال المجيب الدلائل المخبره و العبر الواعظه.
ثم ذكر خمس كلمات كلها غرر، فقال: من تخلف عنى فقد عزب رايه اذ رضى بالطريقه الجاهليه، لان من لم يعرف امام زمانه مات ميته جاهليه.
ثم نبه على كونه م عصوما، بان قال: انا منذ حصلت المعارف الواجبه ما دخلنى شك قط بعد ذلك، فانا على اليقين، و من ضل عنى فهو شاك كافر، و انا اخاف على الامه غلبه معاويه و اصحابه و دوله امثاله، فان ما اخبر الله عن كليمه عليه السلام بقوله (فاوجس فى نفسه خيفه موسى) فانه خاف ان يلتبس على الناس سحر السحره و تطول دوله فرعون فتصيرالقلوب قاسيه، و قد كان من قبل فى ايدى الناس الحق و الباطل (فلما رجع الامر الى تواقفنا على سبيل الحق و الباطل).
ثم قال: (ان) استظهرتم بى و بمكانى و بعلمى اكتفيتم و لم تحتاجوا الى غيرى فى الامور الدينيه، فان (من) كان معه ماء زلال لايصير عطشان، كما لم يعطش (قبل) ذلك لما وثق بالماء.
و اما الراويه: فعن جماعه عن جعفر الدوريستى، عن ابيه محمد بن العباس، عن ابى جعفر ابن بابويه، اخبرنا محمد بن على الاستر آبادى، عن على ابن محمد بن سيار، عن ابيه، عن الحسن العسكرى، عن آبائه، عن اميرالمومنين عليه السلام.