خطبه 005-پس از رحلت رسول خدا
(بيانه): روى انه لماتم فى سقيفه بنى ساعده لابى بكر من البيعه ماتم اراد ابوسفيان ان يوقع الحرب بين المسلمين ليقتل بعضهم بعضا فيكون ذلك دمار الدين و اندراسه، فمشى الى العباس بن عبدالمطلب فقال له: يا اباالفضل ان هولاء القوم قد ذهبوا بهذا الامر من بنى هاشم و جعلوه فى رذل تيم، و انه ليحكم فينا غدا هذا الفظ الغليظ من بنى عدى، قم بنا حتى ندخل على على و نبايعه و بالخلافه و انت عم رسول الله و انا رجل مقبول القول فى قريش، فان دافعونا عن ذلك قاتلناهم قتالا شديدا و قتلناهم الى آخرهم.فاتوا اميرالمومنين عليه السلام و ذكر ابوسفيان له و قال: يا اباالحسن لا تغافل عن هذا الامر متى كنا تبعا لتيم الارذال.و كان على عليه السلام علم ان اباسفيان لايقول ذلك غضبا لدين الله، فان رسول الله صلى الله عليه و آله كان قد شافهه بجميع ما يكون بعده بوحى من الله و امره بلزوم البيت و السكوت لفقد الانصار و ازدياد الفساد فسادا ان حرك (يدا) فى ذلك، فقال مجيبا له بهذا الكلام.و معناه انه يقول: يا معشر الناس ان هذه فتن قد تلاطمت امواجها فاعبروها بسفينه النجاه و انصرفوا عن التفاخر وضعوا تاج التكبر، و كيف انهض فى طلب حقى بلا ناصر و لامعين، فان المفلح و الظافر ببغيته من اذا قام فى طلب امر عظيم كان له فى ذلك جناح و معين يكون معه يدا واحده، و من لم يجد الناصر على مثل ذلك ليس له الا الاستسلام و الانقياد حتى يستريح الناس.ثم هذه الدنيا فانيه بمنزله ماء منتن لاينتفع به شاربه، و كلقمه من الطعام ذات غصه، و هولاء قد زرعوا فى غير ارضهم، فلا فائده لهم و لا طائل تحت ما فعلوا.و اما لو طلبت امرا بغير وحه مطالبته و فى غير وقته لم اظفر فى ذلك، فيختل عاقبه امرى كاختلال حال الزارع فى غير ارضه.ثم انى لايمكننى الارضى الخالق، فرضى الخلق غايه لاتنال، (فان افل لم اخذتم حقى؟ قالوا: ان عليا لحريص على الملك، و ان لم اتكلم فى ذلك قالوا: يخاف على ان نقتله ان نطق فى الخلافه).ثم قال: ليس الامر على ما تظنون، فان سرورى بالموت مثل سرور الطفل عند الارتضاع، و لو اظهرت مما اعلم فى ذلك شيئا قليلا لاضطربتم بسببه مثل اضطراب الحبل فى البئر التى لها قعر عظيم.و (شق امواج الفتن) استعاره، و سفن النجاه هم اهل البيت، يقول النبى صلى الله عليه و آله (مثل اهل بيتى مثل سفينه نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق).و انعرج الشى ء: انعطف، و عرجته عطفته.فعلى هذا مفعول (عرجوا عن طريق الم
نافره) محذوف، اى عرجوا انفسكم عنها.و قيل التعريج على الشى ء الاقامه عليه، يقال عرج فلان على المنزل: اذا حبس عليه نفسه، و التقدير على هذا عرجوا على الاستقامه منصرفين عن المنافره و هى المحاكمه فى الحسب.و قوله (افلح من نهض بجناح) مورده على سبيل المثل، و هو اشاره الى نفسه عليه السلام، يعنى لا ناصر له.و الاستسلام: الانقياد.و الماء الاجن: المتغير.و ايناع الثمر: ادراكها.و انما يقولون جزع من الموت لانه سكت و لم يقاتل القوم.و اللتيا و التى: الداهيه الكبرى و الداهيه الصغرى.و انس: اسر.و اندمج الشى ء: دخل و استتر.و بحت به: اظهرته.و الرشا: الحبل، و الجمع ارشيه.و الطوى: البئر المطويه بالحجاره و البعيده، اى يبعد قعرها.(و اما اسناد روايه هذا الكلام و ما بعده فيطول به الكتاب، على انه لم يحضرنى اصول ذلك وقت املائى هذا الشرح) (فلذلك اخللت به).