خطبه 150-اشارت به حوادث بزرگ
اشار عليه السلام او لا بقوله و اخذوا يمينا و شمالا الى قوم كانوا تركوا جاده الحق و اختاروا لانفسهم يمين الطريق و شمال الطريق.ظعنا: اى ذهابا، و هو مصدر فى موضع الحال، اى ذاهبين فى الغى و الجهل.و تركا اى تاركين الرشاد كانهم الشامتون.ثم خاطب اصحابه الذين استبطاوا نزول العذاب عليهم فقالوا: لا تستعجلوا ما هو معدلهم و يكون لا محاله.و قوله فكم من مستعجل بما ان ادركه ود انه لم يدركه مثل قوله تعالى لا تسالوا عن اشياء ان تبدلكم تسوكم.و اكثر اصحاب اميرالمومنين عليه السلام كانوا على طريقه الشام من الجهل و طلب النيا، و لذلك عرضهم بذلك عقد استبطائهم ما كان عليه السلام يقول: ان عواقب اعدائه تول الى البوار.و الابان: الوقت، ثم قرب من انجاز الله الوعد بذلك، يقال: هذا ابان كذا و ابان دنو و قرب من ان يظهر ما لا يعرفون.و روى: ما لا تعرفون اى هذا وقت دنو حضور ما تعرفونه مما اعلمتكم و ذكرت لكم.فمن ادرك تلك الطلعه يكون من جمله موالينا، و من لحق من شيعتنا تلك الحاله يكون على حليه و وضوح عن امر الدين و يتتبع آثار الصلحاء المتقدمين الذين غاب ايضا حجتهم.و هذا اشاره الى عهد المهدى عليه السلام و قرب قيامه، و ايماء الى المومنين الذين يكونون فى غيبه الامام يحلون مشكلا و شبهه فى الدين، و يعتقون رقا من ضعفاء الشيعه اما حقيقه و اما مجازا باعطاء المال و اصلاح الحال و دفع الاهوال، و يفرقون جمع الاعداء و يجمعون شمل الاولياء، فى خفيه عن كل احد، لا يطلع مخالف الحق على حقيقه امرهم و ان بالغوا فى عرفان ذلك.و القائف: الذى يعرف الاثار، و الجمع القافه، و القيافه معروفه.و تقديم لفاء اعرق و اعرف، من قفت اثره فانا قائف، مثل قلت فانا قائل.و قفوت اثره اشهر و ان كان مقلوبا من الاول، و هما لغتان.و شحذت السكين: حددته، و المشحذ: المسن.ثم ذكر ان فى غيبه الامام الذى به فرج آل محمد قوما اعطاهم الاذهان و جلا ابصارهم و بصائرهم بالتنزيل و التفسير و التاويل من علوم القرآن، و بالحكمه التى هى السنه المحمديه و الشريعه الالهيه.و القين: الحداد، و جلوت السيف: صقلته.الغبوق: شرب العشى.و الصبوح: شرب الغداه.و هذا كنايه عن مدارستهم و ممارستهم فى العلوم، و الحكمه كنايه عن الشرائع.ثم قال عليه السلام: و يطول المده باعداء آل محمد و دولتهم ليزدادوا اثما و لهم عذاب اليم، حتى اذا اخلولق الاجل اى تقادم العهد.و يقال: اخلق الثوب، و اذا بلغ الغايه فى الخلافه يقال: اخلولق.و استراح قوم الى الفتن اى و قد استراح، اى و الحال هذه، يعنى و قد استنام عن اوليائنا جماعه مخصوصون الى دوله اعدائنا.و الاسراع الى فتنهم بالشروع فى اعمالهم و رفع امرهم، و علا ذكرهم فى الدنيا.و مع ذلك اشتالوا و رفعوا انفسهم عن مجادله اعدائنا ضعفا و خورا و قله انصار و كثره اعداء، يعنى تعود دولتنا اهل البيت بالتقيه مع الاعداء و المداراه معهم على ايدى قوم يستريحون الى فتن هولاء القوم و طابوا باحتمال مشقاتهم نفسا، فاذ القحت حرب هولاء القوم اشتالوا و نكلوا، يقال: اشتالت الناقه ذنبها مثل شالت و اشالت.ثم ذكر من صفاتهم شيئا آخر، فقال لم يمنوا على الله بالصبر اى لم يعتدوا اصطبارهم على البلاء فى الله منه و انعاما عليه تعالى، و لم يستعظموا ان لو قتلوا فى سبيل الله، و لكن يكونون فى انتظار الفرج، فاذا اذن الله بخروج المهدى عليه السلام بامارات و علامات كان اخذها من آبائه عليهم السلام من رسول الله صلى الله عليه و آله من جبرئيل
من الله تعالى، و علم ان دوله الظالمين قد انقرضت و مدتهم انقطعت و مضت، خرج عليه السلام و قام و معه هولاء الاصحاب الذين مضى صفاتهم.و حملوا بصائرهم على اسيافهم و دانوا و اطاعوا لربهم فى سل السيوف على الاعداء بامر المهدى الذى يعظمهم.و البصائر لها ثلاثه معان، و واحده جميعها البصيره، فان اريد بها الحجج التى هى اعرف كان المعنى انهم حملوا مواجب اعتقاداتهم و بصائرها على اسيافهم، اى عملوا بالايدى ما كان فى قلوبهم، و كانهم حملوا البصائر على السيوف و البصيره الحجه، و يكون الترس، و يكون الدم ايضا.فعلى الاول قد بينا الكلمه.و يجوز ان يكون على ضرب من القلب فى الكلام، فيكون معناه: انهم ضربوا باسيافهم على بصيره و حجه من دينهم لا من غفله و اغترار.و اذا حملت على الترس فمعناه: انهم حملوا ترستهم معتمدين على اسيافهم فى طلب الثار.فاما قوله و طال الامد بهم هم الذين لم يكونوا مستبصرين فى الديانه فى عهد رسول الله صلى الله عليه و آله و نافقوه و خبثت نياتهم و ان اظهروا الاسلام و قد ذكرهم الله فى مواضع من كتابه و اذ يقول المنافقون و الذين فى قلوبهم مرض ما وعدنا الله و رسوله الا غرورا و ما قبل الايه ايضا فى شان المنافقين.و نزل فيهم
ايضا قوله تعالى كما اخرجك ربك من بيتك بالحق و ان فريقا من المومنين لكارهون يجادلونك فى الحق بعد ما تبين كانما يساقون الى الموت و هم ينظرون.و نزل فيهم الم تر الى الذين قيل لهم كفوا ايديكم و اقيموا الصلاه و آتوا الزكاه فلما كتب عليهم القتال اذا فريق منهم يخشون الناس كخشيه الله او اشد خشيه و قالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لو لا اخرتنا الى اجل قريب.و غير ذلك.و قوله حتى اذا قبض الله رسوله رجع قوم على اعقابهم و اتكلوا على الاحقاد البدريه القديمه و غيرها، و هجروا السبب الذى امر الله بمودته فى قوله قل لا اسالكم عليه اجرا الا الموده فى القربى.و نقلوا لامامه من اهل بيت رسول الله الى بيوتهم التى ليست بمواضع للامامه، فهم لا يولون الادبار.و هم الذين انهزموا فى حنين حتى نزل فيهم و يوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا و ضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين.و هم الذين قال الله لهم و ما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم فهم و اتباعهم بعد موتهم كانوا لتستملكوا الخزى.و فى الكلام اعتراض من ذكر خروج المهدى و اصحابه الى ما يتصل به، من قوله حتى اذا قبض الله رسوله بقوله و ط
ال الامدبهم للاعتراض الذى هو المقصود بينهما.قال: ان هذا الكلام- يعنى به الجاهليه- و ذكر ان قوله حتى اذا قبض الله نبيه يدل عليه.و يعنى بالولائج المكر و الخديعه و ابطان الغش، و الوليجه: دخيله بطانه الرجل، يقال: هو دخيلتى اى خاصتى.و الوليجه كالداخله و الدخله.و غالتهم السبل اى اهلكتهم سبل الفساد و البغى و غيرهما التى سلكوها.و ما روا: جاوا و ذهبوا.