حکمت 459
ثم وصف اميرالمومين عليه السلام واليا مدحه بانه كان مقيما على العدل و الفضل مستقيما على الطريقه الحسنه، حتى ثبت امر الدين و تاكدت اسبابه.
و جران البعير: مقدم عنقه من مذبحه الى منحره.
و قوله عليه السلام حتى ضرب الدين بجرانه استعاره للثبوت و الرسوخ.
حکمت 460
و اما الزمن العضوض فهو الكلب الشديد مستعار من احد شيئين: اما من قولهم فرس عضوض، يعض كل من لقيه، و يكثر العض المضر لم يحسن اليه، و لمن يضربه و لمن لا يتعرض له.
و اما من قولهم: بئر عضوض اى: بعيده القعر ضيقه يستقى منها بالسائبه كمياه بنى تميم.
و يقال: عض فلان على يده و على كفه اذا ندم على شى ء و عاض القوم العيش منذ العالم فاشتد عضاضهم اى عيشهم.
و الموسر: الغنى، و عضه و عض به و عض عليه، و اصله فى اللقمه و نحوها ثم يقال فى اللزوم للشى ء، و المواظبه عليه و المحاماه عنه: عض الرجل على ماله او على مال غيره، اذا جمعه لنفسه فلا ينفقه و لا يعطى شيئا منه.
و قوله ياتى على الناس زمان عضوض وصف لزماننا هذا و لاهل هذا الزمان و شده الدهر كما ترى.
بلغت النهايه، و بخل الاغنياء بما فى ايديهم تجاوز الغايه، لا ينفق احد منهم على اهله و عياله فضلا عن الاعطاء فقراء و المساكين، و امرهم الله بالامساك عن دفع الزكوات الواجبه و ما يجرى مجراها، و انما ندب تعالى الى التفضيل و الصدقه المستحبه، فقال: و لا تنسوا الفضل بينكم و قال تعالى نسوا الله فنسيهم اى تركوا امر الله و طاعته فترك اثابتهم، و اصل النسيان الترك.
ثم ذكر ثلاث امارات
و علامات يستدل بها على ذلك الزمان، فقال: ينهد فيه الاشرار، اى يقوم و ينهض بالامر فاسق كل قبيله فيهم، و لا يكون الامر و النهى و الحكم بين الناس الا فى ايدى شرارهم، و كل من كان فيه خير يستذل و يوخذ و يعد ذليلا.
و يكون البيع على الاضطرار فان من كان قويا اذا راى دارا او ضيعه فى يدى ضعيف كلفه بيع ذلك منه و الجاه و اكرهه على ذلك، هذا اذا كان عدلا و يقال: انه عادل.
و كتب الرضى ههنا على حاشيه نسخته: يبايع ههنا من المبايعه التى هى المفاعله من البيع، و كانه اشاره الى ان البيع و الشرى و كلاهما يكون فى ذلك الزمان على الاكراه و الاضطرار.