نامه 009-به معاويه
و قد ذكر فى الكتاب الاول لمعاويه ان قومنا كما رايت و علم ارادوا قتل محمد صلى الله على و آله لما ادعى النبوه، و كان ابوك منهم، و عزموا على استيصالنا و اجتثاث اصلنا، و هموا نزول الهموم بنا، فدفعهم الله عنا.و كان بنو هاشم ينصرون محمدا (ص) مومنهم و كافرهم اول مره الا ابالهب فمومنهم مثل ابى طالب فى جميع الاحوال، و كافرهم كالعباس و حمزه فى اول الحال، فانهما قبل ان اسلما كانا يذبان عن محمد (ص)، و لما امر الله نبيه بقتال الكفار كان يجعل اهل بيته و قايه للمسلمين، حتى قتل فى غزوه بدر عبيده ابن الحارث بن عبدالمطلب، و قتل عمى حمزه يوم الاحزاب باحد، و جعفر ابن ابى طالب اخى بموته.ثم اوما الى نفسه بانه كان يرجو الشهاده فى سبيل الله لما استشهدوا فاخر الله وقتى بان حفظنى لانى كنت خليفه محمد صلى الله عليه و آله و وصيه، احفظ شريعته بعده الى ان يكون لى من يقوم مقامى، فحينذ يخلى تعالى بينى و بين اعدائى.ثم قال: و لم يكن قط لك يا معاويه سابقه و اثر فى الدين كما كان لى، الا ان تدعى شيئا كاذبا لا يعرف الله كون ذلك و وجوه منك، و لا يعرفه الناس.و الاجتياح: الاهلاك.و هموا: ارادوا بنا الهموم، اى نزول الهموم بنا، فحذفالمضاف و اقيم المضاف اليه مقامه.و لو كان تلك الهمه منهم بخير لقال و هموا بنا الهمم.و الافاعيل: الافعال القبيحه.و قوله منعونا العذب اى طيب العيش بين الاهل و الوطن.و احلسونا: الزمونا الخشيه.و اضطرونا: اى الجاونا الى امر صعب و منزل خشن فى دار الغربه.و الجبل الوعر: الصعب ارتقاوه الشديد الثبوت عليه و اللزوم به.فعزم الله لنا: اى اوجب على الذب، اى على الدفع عن حوزته، اى عن جانبه و ناحيته، اى عن محمد صلى الله عليه و آله.و ينبغى: يطلب.و يحامى: يحافظ.و من اسلم من قيش: اى الذين صاروا مسلمين منهم.خلو: اى خال.بحلف: اى عهد.يمنعه: اى يحفظه.او عشيره: اى قبيله.و قيل: يعنى ان رسول الله (ص) و اهل بيته كانوا يخافون دون الذين اسلموا من قريش، فانهم كانوا عاهدوا جماعه من الكفار او كانوا ذوى عدد كثير، فكانوا لا يخافون للحلف و الكثره.و الظاهر انه عليه السلام يقول ذلك على الاطلاق، اى كان المسلمون من جمله قريش خالين من هذا البلاء الذى انا فيه لما اسلموا اول مره، اما بعهد من الكفار او بعشيره لهم فيهم.و قوله اذا احمر الباس و احجم الناس معناه اذا اشتدت الحرب، و منه موت احمر: اى شديد، و هو ماخوذ من لون السبع، كان سبع اذا
اهوى الى الناس.و احجم: اى تاخر، يقال: حجمته عن الشى ء فاحجم اى كففته عنه فكف، و هو من النوادر، مثل كببته فاكب.و وقى: اى حفظ.و كان رجل يسمى بدرا حفر بئرا بذلك الموضع فسميت تلك البئر بدرا.و يقال ايضا قليب بدر على ما هو التقدير فى المعروف المعهود.و احد جبل على ظهر مدينه الرسول صلى الله عليه و آله، و بقربه كانت الواقعه التى قتل فيها حمزه.و يقرن بى: اى يجعل قرينا لى او قرنا او يجعل مقرونا و مجموعا بى.و ادلى برحمه: اذا مت به، و ادلى بحجته: اى احتج بها.و ادلى بماله الى الحاكم: دفعه اليه.قوله و الحمد لله على كل حال يذكر عند البلاء و الشده، و اما عند النعمه فيقال: الحمد لله بنعمته يتم الصالحات.و قوله: و لا اظن الله يعرفه نحو قوله و لنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم و الصابرين، و الله يعلم كل شى ء قبل وجوده.و معناه حتى نعلم جهادكم موجودا.و القتله جمع قاتل.و لم اره يسعنى دفعهم اليك: اى لم يكن لى ان اسلمهم اليك، و لم اررخصه فى دفعهم اليك و لا الى غيرك، يقال: وسعه الشى ء يسعه اى لم يضق عليه ذلك.و لعمرى لئن لم تنزع: اى بقائى قسمى لئن لم ترجع يا معاويه عن غيك، اى جهلك و شقاقك اى خلافك.