نامه 053-به مالك اشتر نخعى
ذكر عليه السلام فى اول العهد انه جعل مالكا الاشتر واليا بمصر، و انما ولاه فيها اربعه اشياء فقط، و امره بسته امور، و هى: ان يكون متقيا مطيعا لله متبعا لاوامره، ناصرا له تعالى، قامعا شهوته عن الحرام، مانعا نفسه من المعاصى فبهذا تتهيا له تلك الاماره و يتيسر له تلك الاشياء الاربعه التى هى: جبايه الخراج و جهاد الاعداء، و اصلاح العباد، (و عماره) البلاد.ثم حثه على اقتناء الاعمال الصالحه، و دعاه الى خصله فخصله.فقال اولا: لا تتبع هواك، و ابخل بنفسك من الدخول فى الحرام، و كن محبا للرعيه رحيما لطيفا بهم لا موذيا اياهم، و اعف عنهم كثيرا و لا تتكبر، و انصف على كل حال، و لا تظلم احدا، و احب الحق و العدل، و رضا عامه الرعيه، و ابعد ممن يعيب الناس، و استر ما ظهر لك من عيوب الناس، و لا تحقد على احد، و لا تشاور البخيل و لا الجبان و لا الحريص، و لا تتخذ لنفسك وزيرا من كان وزيرا للاشرار قبلك، وليكن خاصتك من لم يعاون الظالم و الاثم، بل كان قائلا بالحق و رعا صادقا لا يمدحك بباطل، و لا تجعل المسى ء و المحسن عندك سواء.و اما الفاظه: فالاشتر: من به انقلاب فى جفن عينه الاسفل، و الاشتران: مالك و ابنه.و النخع: قبيله مناليمن رهط ابراهيم النخعى.هذا و من شجون الكلام: ان الطرماح دخل على معاويه فقال له: قل لابن ابى طالب انى جمعت من العساكر بعدد حبات جاورس الكوفه و ها انا اقصده.فقال له الطرماح: ان لعلى عليه السلام ديكا اشتر يلتقط جميع ذلك، فانكسر معاويه.و العهد: الذى يكتب للولاه مشتق من عهدت اليه اى اوصيته.و جبوت خراجها و جبيت الخراج جمعته جبايه و جبوته جباوه، و لا يهمز و اصله الهمز.و الجبوه بالفتح المره الواحده، و الجبوه كالهيئه و الحاله نحو الجلسه و الركبه.و الخراج لا يوخذ من ارض مسلم تكون ملكا له، و انما عليه الزكاه اذاتم نصابه من الغلات الاربع، و لا خراج على ارض ذمى يودى جزيته.و الجزيه: تعطى عسكر الاسلام و القائمين مقام المهاجرين.و انما يوخذ الخراج من ارض اخذت بالسيف فيوضع فى بيت مال المسلمين.و ارض الامام توجر، و جاز ان تسمى اجرتها بالخراج مجازا.و جاهد فى سبيل الله: اى بذل مجهوده و وسعه فيها.و قوله و امره ان يكسر من نفسه عند الشهوات اى امر على عليه السلام مالكا ان يكسر بعض شهوات نفسه- يعنى شهوته عن الحرام- فاما شهوته فى الحلال فلا باس بها.و من للتبعيض.و يزعها: اى يكفها.و الجمحات جمع الجمحه، و هى غلبه النفس اذ
ا ركبت هواها و يعظم الثواب فى رد ذلك.و النفس اماره بالسوء الالف و اللام للجنس، كقولك الدينار خير من الدرهم.ثم استثنى فقال الانفس من رحمه الله اى انعم عليه بلطف يسمى عصمه.و من كان صلاحا و ان لم يظهر ذلك فان الله يجرى ذكره بالصلاح على السنه العباد الصالحين.و انما يعتبر بمقاله الصلحاء فيه لانه عليه السلام اضافهم الى الله تعالى بقوله على السن عباده و عباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا الايه.و قيل: المراد بذلك العموم.و شح بنفسك: اى لا تضعها فى معصيه و لا تخرجها من طاعه.و الكلب الضارى: الذى تعود بالصيد، و الذئب الضارى: الذى اعتاد اكل لحوم الناس، و اذا اطلق فيقال: سبع ضار.فعلى الاغلب لا تحمل الا على الاسد عرفا.و يفرط منهم الزلل: اى يسبق.