خطبه 181-توحيد الهى
بكال حى من همدان من اليمن، يقال لها: بكيل ايضا، و هذا اكثر، قال الكميت: (يقولون لم يورث و لو لا تراثه فقد شركت فيه بكيل و ارحب و من شدد الكاف فقد اخطا، قال تغلب: البكالى بكسر الباء، قال: و بكاله من اليمن.و جعده ابو هولاء الجعديين، و كان ابن اخت اخت اميرالمومنين و كان على عليه السلام زوجه ابنه من بناته، و كان ابنه شجاعا فارسا، و فيه يقول الشاعر: لو لا ابن جعده لم يفتح قهندزكم و لا خراسان حتى ينفخ الصور و الليف: شى ء خشن غليظ يكون بين جرائد النخل على راس الجذع، و ترى بين كل جريدتين على خط سواء قطعه منه تسمى ليفه كالحبائل فى اصلهما فى مقدار اس من الجدار تقطع و تدق و تجعل بحيث يمكن غزلها، و يوخذ من ذلك حماله اليسف و النعل و غيرهما.و ثفنه البعير: ما تقع على الارض من اعضائه اذا استتاخ و غلظ كالركبتين و منه سمى على بن الحسين عليهماالسلام بذى الثفنات، لان طول السجود كان قد اثر فى مساجده السبعه.و شبه الراوى جبين اميرالمومنين عليه السلام بثفته ركبه بعير، لما كان رآه قائما يخطب بهذه الخطبه، و يقال: صرت الى فلان مصيرا، قال تعالى و الى الله المصير اى المرجع، و هذا شاذ و القياس: مصار مثل معاش، وانما جمع المصير- و هو مصدر- على مصائر لان الخلائق يرجعون اليه تعالى فى احوال شى ء ينقلبون اليه و ينقطعون اليه عاجلا و آجلا اختيارا و اضطرارا فى جلب منفعه او دفع مضره، فجمع المصدر و ان كان يقع بلفظه على القليل و الكثير لاختلاف وجوهه، كما قال تعالى و تظنون بالله الظنونا.و عاقبه كل شى ء آخره، و الجمع عواقب.اقر بعد التحميد بالبعث و النشور، و ان اليه مرجع الامور، و ان لا يملك غيره تعالى يوم القيامه احد جميع التدبير.ثم حمده على ثلاثه اشياء بعد ان اطلق اطلاقا، فقال: نحمده على اصول نعمه التى هى الحياه و القدره و الشهوه و غيرها مما لا يدخل من اجناس المقدورات تحت القدر، و ذكر ان ذلك من عظيم احسانه.ثم حمده ثانيا على ما نصبه من الدلائل القاهره على وحدانيه، و على ما ابدع من خلقنا و تراكيبنا و عقولنا و غيرها من عجائب ما اظهره فى العالم، و ذكر ان هذا من نير حجته.و حمده ثالثا على ارزاقه الداره الهنيئه المريئه عاجلا، و على ما وعد من نوامى فضله و زوائد امتنانه اجلا.ثم ذكر ان العبد اذا حمد الله فقد ظفر باربعه اشياء: قضى حق الله تعالى، و ادى شكر نعمه الماضيه، و تقرب من استحقاق ثواب الله، و استحق المزيد من نعمائه.ثم طلب ال
معونه من الله كما يطلب العون منه تعالى من يكون على اربع خصال: من الخير يرجو الله فى الافضال معه فى اخراه، و فى الانعام عليه فى دنياه، و يتق بدفع المضار منه فى الدنيا و الاخره، و يعترف له تعالى بانه ذو الكرم العظيم فيما غفر و عفا و على ما منع و اعطاه.و ينقاد الله تعالى بالقيام باوامره من الاعمال و الاقوال و جوبا لوجهه لا لاقتناء الثواب و لا للخلاص من العقاب.و الرجاء و الامل يقرب معناهما الا ان فى الرجاء تاخيرا لا يكون فى التاميل، و لذلك خص الرجاء بالثواب الذى يكون فى الاخره و الامل بالنعم الدنياويه.ثم انه ثال: ان ايمانه بالله يشتمل على ست خصال، و قد فصلها.و الايمان فى اللغه هو التصديق، و فى عرف الشرع هو التصديق بالقلب لاركان الدين.و اليقين: العلم بالشى ء على سبيل القطع عليه و الوثوق به، و ايقنت ايقانا اى خصلت علما عند استنباط.و اناب: رجع.و خنع: اى ذل خاضعا.و المذعن: الذليل الخاضع.و تمجيد الله هو ان ينسب الى المجد، و هو الكرم، و المجيد: الكريم.و التمجيد فى الانسان ان ينسب الرجل الى المجد، و هو الشرف الاباء.و رجل شريف ماجد: له آباء متقدمون فى الشرف.و الممجد فى عرف الشرع مخصوص بالقائل لا حول و لا قوه
الا بالله و التمجيد قول ذلك.و لاذبه: اى عاذبه ولجا اليه.و قوله لم يولد اى لم يتولد من شى ء، و لم يلد اى لم يخرج منه شى ء، و مفعوله محذوف، اى لم يلد ولدا.و قوله لم يولد لان كل مولود محدث و جسم، و هو تعالى قديم لا اول لوجوده و ليس بجسم.و لم يلد لانه لا يجانس حتى لا يكون له من جنسه صاحبه فيتوالدا.و قد دل على هذا قوله سبحانه اين يكون له ولد الايه.و انما قدم اميرالموممنين عليه السلام ههنا لم يولد لانه تعالى لو كان ممن يولد لدل ذلك على حدوثه، و ذلك من صفات الاجسام، و قوله لم يلد يدل على نفى حاجته، فان الانسان يشتهى الولد لحاجته اليه، فاستدل اولا على صفه الاثبات له تعالى و هو القدم ثم استدل ثانيا على صفه النفى له تعالى و هو كونه غنيا، و ذاك نفى الحاجه عنه، فحسن التقديم و التاخير لذلك.و اما القرآن فان سبب نزول سوره الاخلاص هو ان اليهود الذين يقولون ان عزيرا ابن الله سالوا النبى صلى الله عليه و آله عن نسب الرب، فرد الله تعالى عليهم اولا بقوله لم يلد عزيرا كما يقوله اليهود و لا المسيح كما تقوله انصارى و لا الملائكه بنات الله كما تقوله الصابئون.و سئل اميرالمومنين عليه السلام عن تفسير سوره الاخلاص فقال: هو الله
احد بلا تاويل عدد، الصمد بلا تبعيض، لم يلد فيكون موروثا هالكا، و لم يولد من خلقه كفوا احد، اى عديلا و نظيرا يماثله.و المبرم: المحكم.و الموطد: المجعول ثابتا، و توطد اى ثبت، و قد وطدت على باب الغار الصخر: اذا سددته به و نضدته عليه، و وطدت الشى ء و وطدته: اثبته و اثقلته.و العمد جمع عماد البيت، نحو اهاب فى اهب، و منه فى عمد ممدده.و قوله رفع السماوات بغير عمد ترونها اى خلقها مرفوعه بلا عمد لا تحتاجون مع الرويه الى الخبر، و قيل: لا ترون عمدها و هى قدره الله.و السند: ما قابلك من الجبل و علا عن السفح، و فلان سند اى معتمد، و سندت الى الشى ء استندت اليه بمعنى.و تلكا عن الامر: تباطا عنه، و متلكئات متاخرات.و قوله دعاهن اى دعى الله السماوات فاجبن طاثعات.و هذا مجاز.و سئل ابن عباس عن قوله تعالى ثم استوى الى السماء و هى دخان فقال لها و للارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين قال: ثم قصد الله اى خلق السماء.و كانت السماء دخانا اى بخار الارض، فاتت السماء بما فيها من الشمس و القمر و النجوم و اتت الارض بما فيها من الانهار و الاشجار و الثمار.و ليس هناك امر بالقول على الحقيقه و لا جواب لذلك القول، بل اخبره الله تعال
ى عن اختراعه السماوات و الارض و انشائه لهما من غير تعذر و لا كلفه و لا مشقه، بمنزله ما يقال للمامور افعل فيفعل من غير تلبث و لا توقف، فعبر عن ذلك بالامر و الطاعه و الدعاء و الاجابه، و هو قوله تعالى انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون.و انما قال اتينا طائعين لان المعنى اتينا بمن فينا من العقلاء فغلب حكمهم.فان قيل: هب ان القول فى الدعاء هاهنا و الاجابه ما قلتم، فما تقولون فى قوله و لو لا اقرارهن بالوبوبيه الى قوله لما جعلهن مسكنا لملائكته.قلفنا: المجاز هيهنا بحاله و الاستعاره على ما تقدم، و ذلك لان من تفكر فى المساء التى هى فائمه بلا عمد و لا علاقه مع عظمها كان الاقرار بوبوبيه صانعها و حافظها اقرب ممن ينظر فى الارض، فلما كانت السماوات اعظم فى باب الدلاله و فى كونها آيه على اثبات الصانع الحكيم من الارض و جعل السماوات مساكن الملائكه الكرام الذين لا يعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يومرون.و جعلها ايضا موضع العرش، اى خلق العرش فوق سبع سماوات ايضا.و امر الله الكرام الكاتبين باصعاد الاعمال الصالحات من بنى آدم الى السماوات ايضا، لان المواضع العاليه الرفيعه تليق بالامور العليه الشريفه، فراقت الازدواج لفظا و
معنى.ثم قال: انه تعالى جعل كواكبها علامات يهتدى بها الضال المتحير فى الفجاج المختلفه، و هى طرق الجبال.و الاقطار جمع قطر، و هو الناحيه و الجانب.و الادلهمام: الظلمه، و ليله مدلهمه اى مظلمه.و الاحسن اين يكون ادلهمام مرفوعا ليكون فاعل لم يمنع.و ضوء نورهما مفعول، ليكون المعنى مزدوجا لما بعده.و لا استطاعت جلابيب سواد الحنادس اى تزد نور القمر.و يجوز ان يرتفع ضوء نورها بالفاعليه و المفعول ادلهمام سجف الليل، فيكون معناه على عكس ما بعده، و جاز ذلك ايضا.و السجف: الستر.و روى سجف.و الحنادس: الظلمات.و شاع: اى تفرق و ظهر.و التلالو: اللمعان.و لا استطاعت: اى ما اطاقت.و الجلابيب: الثياب.و الغسق: الظلمه.و الليل الساجى: الساكن.و الداجى: المظلم.و تطاطا: اى تطامن، و تطاطات لك اى خفضت لك نفسى.و المتطاطئات: المتطامنات.و السفعه فى الوجه: سواد فى خد المراه الشاحبه، و السفع جمع السفعاء و هو السوداء، و جمع اسفع ايضا.و يعنى بالسفع المتجاورات الجبال.و البقاع: ما ارتفع من الارض.و اللجلجه: صوت الرعد، و تجلجل قواعد البيت اى تضعضعت.و الافق: الناحيه.و تلاشى مركب من لا شى ء، يقول: سبحان من لا يخفى عليه ما يجرى فى شده
سواد الليل لا ما يكون فى سهل الارض و لا فى الجبل، و لا يخفى عليه ما يحركه الرعد و ما يتفرق من شعاع البرق.و من شجون الحديث انه قيل لبعض العلماء: اين يذهب نور السراج اذا انطفى؟ قال: يذهب شعاعه شعاعا اى متفرقا.و العواصف: الرياح الشديده.و الانواء جمع النوء، و هو سقوط نجم من المنازل فى المغرب مع الفجر و طلوع رقيبه من المشرق يقابله من ساعه فى كل ليله الى ثلاثه عشر يوما و هكذا كل نجم منها الى انقضاء السنه، ما عدا الجبهه فان لها اربعه عشر يوما.قال ابوعبيد: و لم يسمع فى النوء انه السقوط الا فى هذا الموضع، و كانت العرب تضيف الامطار و الرياح و الحر و البرد الى الساقط منها فى سلطانه.و قال الاصمعى: ينسب ذلك الى الطالع منها، فيقول: مطرنا بنوء كذا.و الانهطال: الانصباب.و العلاج: المعالجه، و هى المزاوله، و الله يخلق بلا مقاساه و لا تعب.و الحواس الخمس: العين، و الخيشوم، و اللهاه، و الصماخ، و اللمس.و الله تعالى لا يدرك بشى ء مها.و فائده قوله و كلم الله موسى تكليما انه تعالى كلم موسى بلا واسطه، ابانه له بذلك من سائر الاشياء، لان جميعهم كلمهم الله بواسطه الوحى.و انما قال تكليما ليعلم ان كلام الله من جنس هذا المعقول الذى تشق من التكليم، بخلاف ما قاله المبطلون.و الحجره: الوقعه من الارض المحجوره بحائط يحوط عليها، و هى قلعه، بمعنى مفعول كالغرفه.و القدس: الطهر.و المراد بحجرات القدس منازل الملائكه، و فى القرآن و ما منا الا و له مقام معلوم و انا لنحن الصافون و انا لنحن المسبحون.و الارجحنان: الميل، و جيش مرجحن و رحى مرجحن اى ثقيله، و ارجحن الشى ء: اهتز.و متولهه: اى متحيره.و الزلفه: القربه.و استوفى طعمته: كنايه عن انه مات.و الرياش: اللباس و الزينه.و اسبغ: اتم.و العمالقه: قوم من ولد عمليق بن لاوذبن ارم بن سام بن نوح، و هم امم تفرقوا فى البلاد.و فرعون لقب الوليد بن مصعب ملك مصر، و كل عات فرعون، و العتاه الفراعنه.قد تفرعن، و هو ذو فرعنه اى دهاء و نكر.و الرس: اسم بئر لبقيه من ثمود قم صالح.و قيل: الرس قريه بفلج اليمامه اهلها هولاء.و قال الصادق عليه السلام: اصحاب الرس كان نساوهم ساحقات.و قيل: اصحاب الرس هم اصحاب النبى حنظله بن صفوان، كانوا مبتلين بالعنقاء، و هى اعظم ما يكون من الطير لطول عنقها، و كانت تسكن جبلهم الذى يقال له: فيح، و هى تنقض على صبيانهم فتخطفهم ان اعوزها الصيد، فدعا عليها حنظله فاهلكوا.و العسكر: الجيش، و اخرج منه الفعل فقيل: عسكر الرجل فهو معسكر و الموضع معسكر.و المدينه فعيله من مدن الرجل بالمكان اذا اقام به، و مدن المدائن، كما يقال: مصر الامصار.و قيل: هى مفعله من قولك دين اى ملك.فعلى هذا لا يهمز جمعها.و الجنه: ما استترت به من سلاح، و ليس جنه الحكمه، اى لم يفعل و لم يقل شيئا الا اذا دعى اليه داعى الحكمه.فهى ضالته: اى الحكمه بمنزله ضالته التى لا يطلبها الا هو.و عسيب الذنب: منبته فى الجلد و العظم.و الجران: الصدر، و هذا اشاره الى غيبه المهدى عليه السلام، يقول: انه اقبل فى زمان الخوف على الحكمه لا يظهر، لان العلم و الحكمه كلاهما يمنعه من الظهور خوف الهلاك، فهر غريب اذا عاد الاسلام غريبا، و هو بقيه من حجج الله فى ارضه.و البعير اذا ناخ و الصق الارض بصدره و ضرب بعسيف ذنبه فلا يكون له تصرف و لا ذهاب و لا مجى ء.و البث: التفريق و النشر.و لم تستوسقوا: لم تجتمعوا، يقال: و سقت الشى ء اى اجمعته، قال تعالى و الليل و ما وسق، و استوسق اى اجتمع.و ازمع الترحال: ثبت عليه عزمه.الكسائى، يقال: ازمعت على الامر، و لا يقال ازمعت عليه.قال الاعشى: ازمعت من آل ليلى ابتكارا (و شطت على ذى هوى ان تزارا) و قال الخليل: ازمعت على امر فانا مزمع عليه، و قال الفراء: ازمعته و ازمعت عليه بمعنى.و يسيغون الغصص: اى يتجرعونها.و الرنق: الكدوره.و ابن التيهان هو ابوالهيثم، و ذكر المبرد انه التيهان.و ذو الشهادتين خزيمه بن ثابت.تعاهدوا على المنيه: اوثقوا العهد على جهاد العدو و ممارسته و ان ادى الى هلاكهم.ابرد برووسهم الى الفجره: اى بعث برووسهم الى الفسقه على يد البريد لتصل سريعا اليهم فيفرحوا بذلك.و اوه كلمه توجع، و تتكلم بها العرب عند الشكايه، و ربما قلبوا الواو الفا فقالوا: آه من كذا.و ربما شددوا الواو فقالوا: اوه.و التشديد لتطويل الصوت بالشكايه.و تلوا القرآن: اى قراوه.الجهاد الجهاد: اى اقصدوه.