خطبه 003-شقشقيه
(الشرح): قوله (لقد تقمصها ابن ابى قحافه) فانه اراد انه لبس الخلافه و اشتملت عليه كما يشتمل القميص على لابسه.و المراد بقوله (و انه ليعلم ان محلى منها محل القطب من الرحى) ان امر الخلافه على يدور و بى يقوم، و انه لا عوض عنى فيها و لا بديل منى لها، اى دخل فى هذا الامر و قعد فى مجلسى مع علمه بانه ليس من اهله، و انه يقوم بى كما ان قطب الرحى- و هو الحديده الموضوعه فى وسطها- عليها مدار الرحى و لولا هى لما انتظمت حركتها و لاظهرت منفعتها.ثم استانف كلاما آخر فقال: (ينحدر عنى السيل)، و ليس هذا متصلا بالكلام الاول من ذكر قطب الرحى، و المراد به اننى عالى المنزله بعيد المرتقى، لان السيل (لاينحدر الا عن الاماكن العاليه و المواضع المرتفعه، اى انا فوق السيل) بحيث لايرتفع الى، فالسيل نازل عن درجتى.ثم اكد هذا المعنى بقوله (و لايرقى الى الطير)، لانه ليس كل مكان علا عن استقرار السيل عليه و اقتضى تحدره عنه يكون مما لايرقى اليه الطائر، فان هذا وصف يقتضى بلوغ الغايه فى العلو و الارتفاع.ثم قال: لكنى (سدلت دونها ثوبا) فمعنى سدلت القيت بينى و بينها حجابا، اى تنزهت عن طلبها و عزفت نفسى عنها و حجبت يدى عن مرامها و طويتعنها كشحا، نظير القرينه الاولى، و معناه اننى اعرضت عنها و عدلت عن جهتها، و من عدل عن جهه الى غيرها فقد طوى كشحه، اى خاصرته عنها.و (طفقت ارتاى) اى ظللت اجيل رايى بين ان احمل على القوم مع قله الناصر- و اليد الجذاء: المقطوعه كنايه عنها او اصبر على ظلمهم المظلم، فكان الراى ان اصبر.و طفق: اى ظل.و ارتاى: افتعل من الراى و التدبير.رحم جذاء و حذاء: اذا لم توصل، و الجذ بالجيم و الحاء القطع (و معنا يدحذاء بالحاء غير المعجمه اى بيد قصيره، اى لا اعوان لها، و منه يقال للقطاه: الحذاء لقصر ذنبها.و قصيده حذاء خفيفه الوزن).و الصوله: الحمله.و الطخيه: الظلمه، و وصفها بالعمياء مجازا، اذ لايكاد يبصر فيها الدين.و روى (و يشيب فيها الصغير) لقوله تعالى (يوما يجعل الولدان شيبا) لشده ذلك.(و هاتا) بمعنى هذه.و احجى: اولى.و الشجى: ما اعترض فى الحلق، اى صبرت مع الغصه فى حلقى.و المومن فى تعب حتى يلقى الله، و نكر لفظه (مومن) شياعا.و التراث: الميراث، اى ارى حقى من الامامه و خلافه الرسول الذى ورثته بنصه على و اشارته الى نهبا غاره مقسمه متداوله موزعه.