نامه 055-به معاويه
و قوله و ابتلى فيها اى اختبر فى الدنيا اهلها ليعلم ايهم احسن عملا، يعنى كلف اهل الدنيا من العقلاء فيها ليظهر العلم للملائكه و لغيرهم ايهم احسن عملا، و ليعلم رسل الله ذلك.و حذف المضاف فى الكلام كثير، و الا فالله تعالى عالم لذاته يعلم الاشياء قبل وجودها (و ايهم مبتدا و احسن خبره و عمل يعلم فى محله) و لا يعمل ليعلم فى لفظ ايهم بعده، لان ايهم للاستفهام و له صدر الكلام و عملا يتميز.و وجه حسن التكليف: انه تعريض لمنافع عظيمه لا يحسن اعطاوها الا بالاستحقاق و هو الثواب، فاشار عليه السلام الى هذا بقوله: فان الله جعل الدنيا لما بعدها.و قال ولسنا للدنيا خلقنا اى لم نخلق للكون فى الدنيا فحسب، و انما خلقنا لعباده الله فيها كما قال تعالى و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون.و قوله و لا بالسعى فيها امرنا اى بالسعى فى عمارتها و زينتها، و من طلب الرزق و سعى فى الدنيا لمعشيته و كسوته و مصالح عياله و كفايه موناتهم فليس ذلك السعى للدنيا.ثم قال لمعاويه و قد ابتلانى بك و ابتلاك بى يعنى ان الله كلفنا جميعا و جعل طاعتى عليك واجبه، و امرنى ان انت ابتدعت فى دين الله ان ارد بدعتك، و ابتلانى بك بان احاربك فى مخالفتك ما هو واجب عليك مع التمكين و الامكان و ان لا اداهنك، و ابتالك بى كما ابتلى ابليس بادم، فعليك ان لا تتكبر على بل تتواضع، و لا تنظر ان اصلى و اصلك من قريش.و قوله: فعدوت على طلب الدنيا بتاويل القرآن و طلبتنى بما لم تجن يدى و لا لسانى و عصبته انت و اهل الشام بى، اى تجاورت الحد بان تاولت القران على رايك متقويا بذلك على طلب الدنيا، كانه نظر الى قوله تعالى يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى و لكم فى القصاص حياه و نحو ذلك من الايات، فاوهم الشاميين انه هو الذى يحق عليه ان يقتص و يطلب دم عثمان، و اول مثلها من الايات و جعل ذلك خاصا نفسه، او جعل الايه عامه فادخل نفسه فى ذلك العموم بغير دليل شرعى.ثم قال: طلبتنى بدم عثمان و و الله ما قتلت عثمان و لا مالات على قتله.و عداه يعدوه: اى جاوزه، وعدا عليه عدوانا اى ظلم.و قوله و عدوت يجوز ان يكون من الاول على ما قدمناه، و ان كان من الثانى كان تقديره: فعدوت على، و يتعلق قوله على طلب الدنيا بفعل مضمر.و عصبته بى: اى الزمتنى ذلك الدم و شددته بى كما تشد العصابه بالراس، و انما اورد انت بعد ان قال عصبته ليعطف عليه الاسم المظهر و هو اهل الشام كقوله تعالى اسكن انت و زوجك الجنه
.و الب عالمكم جاهلكم و قائمكم قاعدكم: اى جعل العالم منكم بحالى و سابقتى و فضيلتى الجاهل بجميع ذلك البا على، و حثه على محاربتى و حرض القائم بمعاداتى و مقاتلتى من كان قاعدا عن قتالى.و التاليب: التحريض و البت الجيش: جمعته، و هم الب اذا كانوا مجتمعين.قوله و نازع الشيطان قيادك اى جاذبه حبلك و لا تمكنه من زمامك، و نازعته منازعته: اذا جاذبته فى الخصومه.و انتزعت الشى: اقنلعته.و القياد: حبل النقاد به الدابه.و قوله فاحذر ان يصيبك الله منه بقارعه فمعنى منه من اجل ذلك البهتان الذى وضعته على من قتل عثمان، و ليست من هذه للتبيين و لا للتبعيض، و انما هى بمعنى اجل ذلك كقوله و من النخل من طلعها قنوان دانيه اى قنوان دانيه من النخل من اجل طلعها، و قال الشاعر: ما دار عمره من محت لها الجزعا هاجت لى الهم و الاحزان و الوجعا و عاجل قارعه اضافه الصفه الى الموصوف للتاكيد.و القارعه: البليه التى تقرع و الشديده التى تقلع الاصل اذا مسته، فحذره من عقوبه عاجله يستاصله و يقطع دابره اى عقبه، يقال قطع الله دابرهم اى آخر من بقى مهنهم.و الدابر التابع.و اولى بالله اليه: اى احلف بالله حلفا غير كذب.و اليمين الفاجره: المائله عن الصدق و
الفاسقه، و هذا الوصف مجاز، و انما يكون الحالف كاذبا هو الفاجر.و جوامع الاقدار اضافه الصفه الى الموصوف للتاكيد، و فى هذه الاليه وعيد بليغ.و فى الكلام تخلص عن التاثم و التحرج ان كان على خلاف ذلك اذا لم يكن، و ليس ذلك بظاهر.و باحه الدار: ساحتها و فناوها.