خطبه 113-در اندرز به مردم
ثم قال الحمد لله الواصل الحمد بالنعم و النعم بالشكر يعنى انه تعالى انعم على سبيل التفضل اولا ثم امر المكلفين ان يشكروه على نعمه كما هو مركوز فى بدايه العقول.ثم اذا ما حمد الله سبحانه عبد على ما انعم به عليه جمله او شكره تفصيلا وعده على ذلك الشكر نعما اخرى موصوله بها، كما قال تعالى لان شكرتم لازيدنكم.و قوله بعد الشهادتين (تسعدان القول: اى كل واحده من هاتين الشهادتين) اذا كانت شهاده بالقلب تساعد القول باللسان.و روى تصعدان بالصاد تاكيدا لما بعده.و روى اسمع داع و هو افعل من الاسماع بحذف الزوائد.و وعاها خير واع اى حفظها خير حافظ، و هذا اشاره الى قوله تعالى و تعيها اذن واعيه اتفق المفسرون انها نزلت فى على عليه السلام.و قوله حتى اسهرت لياليهم و اظمات هو اجرهم اى حتى قاموا للصلاه طول الليل و صاموا فى الحر الشديد و مخافه الله اسهرتهم و اظماتهم، و هذا كقولهم نهاره صائم و ليله قائم.و النصب: التعب.و الظما: العطش، اى اخذوا الراحه و الرى فى الاخره بسبب ما تحملوا من ضدهما فى الدنيا.و روى ان الدهر موتر قوسه (و يقال: اوتر قوسه) و وترها بمعنى، و فى المثل انباض بغير توتير، و هو ان يجعل الوتر فيها و يهى ء امرها.قوله و لا توسى جراحه اى لا تعالج و لا تداوى.و العطب: الهلاك.آكل لا يشبع اى هو آكل، يعنى به الموت.و شارب لا ينقع اى لا يروى، يقال نقعت الماء: اى رويت، و شرب حتى نقع: اى حتى شفى غليله، و نقع الماء العطش: اى سكنه، و ماء ناقع.فعلى هذا تقديره شارب لا ينقع نفسه او عطشه، اى لا يسكنه.و قوله و من غيرها انك ترى المرحوم مغبوطا و المغبوط مرحوما يفسره ما بعده، و المعنى: انك ترى من هو بمحل الرحمه اليوم لضيق ذات اليدو للفقر و الفاقه مغبوطا محسودا لكثره المال الذى يجتمع عليه غدا، و انك ترى من كان يغبط امس لحسن حاله يرحم اليوم لذهاب امواله.و قيل: معناه انك ترى من هو بمنزله ان يرحم مغبوطا عند الناس، و من هو بمحل الغبطه مرحوما عندهم.و قوله ما اظما ريها و اضحى فيئها يظهر التعجب من احوال الدنيا، فقال قبله فسبحان الله نزهه تعالى كما يفعل المتعجب.و ما اغر سرورها: اى ان اسرور الدنيا يغر، و ان الرى فى الدنيا يودى الى الظما و العطش فى الاخره، و ان الظل البارد الطيب يودى و يوصل الى موضع حار يوذيه فى الاخره.و اضحى فيئها اى ما اضحى ظل الدنيا، اى ما ابرزه للشمس، من قولهم ضحيت للشمس اضحى فيئها، اى برزت لها.ثم بالغ فى الموعظه، و هو ظاهر الى آخره.و قوله فليكفكم من العيان السماع اى ان سماع شده النار و اهوالها كاف فلا تخرجوا انفسكم بالدخول فيها و مقاساتها و رويتها.و قوله: ان الذى امرتم به اوسع من الذى نهيتم عنه المراد به ما ابيح لكم من لذات الدنيا او امرتم بها لاستحبابها كالنكاح و اشتراء الاماء، و قد نهى الله عن السفاح و عن نكاح المحرمات من الانساب و الاسباب، و قد امر بذبح الانعام على الوجوب و على الاستحباب و اباح ذلك على اكثر الوجوه، و المباحات و المامورات كما ترى اكثر من المنهيات.و قوله الرجاء مع الجائى يعنى مع الرزق الذى يجى ء الى العبد مادام يعيش و الياس مع الماضى اى مع العمر الذى مضى.