(بيانه): ذكر اولا ان الامر السماوى لكل احد- و هو الرزق الذى ينزله الله تعالى او نحوه- يكون على وفق المصلحه الدينيه، يزيد ذلك و ينقص على ما تقتضيه المصالح، فلاينبغى لاحد ان يحسد ذا مال كثير، فان من كان مومنا و لا مال له فهو الظافر حقيقه.
و ضرب له مثلا، ثم طيب قلبه بانه: ان لم يبق له عمر طويل فما يصنع هو بمال الدنيا، و قد اعد الله له الخير الجزيل عنده، و ان عاش فاليسران بعد عسر واحد يكونان له من الاهل و المال، و لم يهن نفسه بالمحاسده و لا غبار على دينه و لا على حسبه.
ثم اشار الى قوله تعالى (المال و البنون زينه الحياه الدنيا و الباقيات الصالحات خير عند ربك)، فهذه اربعه اشياء مجموعه فى هذه الالفاظ.
ثم حذر من عقاب الله و دعا الى فعل الطاعه مع الاخلاص، و سال الله منزله الشهداء لنفسه و لمن يكون على منهاجه.
ثم وصى باعانه الاقرباء و مراعاتهم، و بالغ فى ذلك.
و اما قوله (فاذا راى احدكم غفيره فى اهل او مال فلاتكونن له فتنه) فالغفيره هاهنا الكثره و الزياده، من قولهم (الجم الكثير، الجم الغفير، و الجماء الغفير).
و يروى (عفوه فى اهل او مال)، فالعفوه الخيار من كل شى ء، تقول (اكلت عفوه الطعام) اى خياره.
و انما قال لاتكونن له فتنه، لان من نظر فى احوال الدنيا الى من فوقه يستحقر ما عنده من نعم الله، فيكون ذلك فتنه عليه.
و قوله (و يغرى بها لئام الناس) من اغريت الكلب بالصيد، و اغريت بينهم اغراء.
و اغرى به: اى ولع به.
و غريت الجلد: الصقته بالغراء.
و الفالج: الظافر.
و الياسر: اللاغب بالقداح.
و هذا يكون فى تلك الحاله طيب النفس يرجو غنيمه يدفع بها غرامه، و روى ينظر من الله، واحدى الحسنيين الوفاه او الثروه، اى الحالتين الحسنتين للمومن.
و اما قوله (اما داعى الله) هو الموت، و قوله (ليست بتعذير) اى بتقصير.
و انما سال منازل الشهداء و لم يسال الشهاده اختيارا للاحسن على الحسن و طلبا لجميع درجاتها، و ليس الشهاده هى القتل و انما هى الاصطبار عليه لله.
على انه لايحسن منا ان نسال الله القتل، فهو ضعف للاسلام و قوه لاهل الكفر، و انما يستحسن ان نساله تعالى درجه المقتولين فى سبيل الله، و قد يكون ذلك مع الموت على الفراش.
و اعظم حيطه: اى احتياطا، على وزن بينه.
و روى حيطه: و هى الحياطه و الحفظ، و قد حاطه يحوطه حوطا اى كلاه و رعاه، و مع فلان حيطه لك، و لاتقل عليك، اى تحنن و تعطف.
و احتاط: اخذ بالثقه.
و لسان الصدق: اى كلمه الخير و الصلاح، و لما كان اللسان جارحه الكلام جاز بان تكنى عنها.
و قوله (برى بها الخصاصه) اى الفقر، و الخصاصه: الخلل و الثقب الصغير و ان يسدها بذل من القرابه للاستمال، و روى صونه بالنون.